(خبر) وعن جابر قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء)) فدل على ما قلناه، يزيد ذلك وضوحا أن الضحك لا ينقض الوضوء إلا لكونه معصية، وهو لا يكون معصية إلا أن يوجد بحسب قصده وداعيه، ويبقى بحسب كراهته وصارفه، فإذا وجد باختياره كان معصية، فيصح كونه ناقضا للوضوء.
وأما الكبائر فيدل على كونها ناقضة للوضوء ومبطلة لحكمه، قول الله تعالى:{لئن أشركت ليحبطن عملك}[الزمر:65]، وقوله عز قائلا: {ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}[الحجرات:2] ونحو ذلك من الآيات، فإنها تقتضي أن الكبائر تحبط الأعمال، وإحباطها إنما هو إحباط أحكامها وإبطال ثوابها؛ لأن أعيانها قد عدمت فإذا كان الأمر على ما ذكرنا ثبت بطلان طهارة العاصي بعد الوضوء فوجب عليه إعادتها، واعلم أيها المسترشد أن الخطر في هذا عظيم، والخطب جسيم، قد تكون المعصية المعينة صغيرة من زيد بأن تكون مكفرة في جنب طاعاته، وتكون كبيرة من عمرو لقلة طاعاته، ومن أعظم الذنوب وما يستخف به فاعله ويقول هو صغير ولا يلتفت إلى ما يجب من حق الله تعالى ويلاحظ ما يلزم من شكره، ووما يزيدها عظما إصراره على المعصية.
(خبر) وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار)) وقد ذكر بعض من يذهب إلى هذا القول أن الاستمرار على الكبيرة كبيرة ومع ذلك لا ينقض الوضوء ؛ لأنه لم يستحدثها بعد الوضوء، وهذا صحيح لولا أنه كذلك لم يصح وضوء الفاسق، والله الهادي، وهذا عارض من الكلام والحديث ذو شجون.
فصل قال المؤيد بالله: وأوضاع أصحابنا تدل على أن تجديد العزم على الكبيرة ناقض
पृष्ठ 40