(خبر) وعن عائشة قالت: لأن أجزهما بالسكاكين أحب إلي من أن أمسح عليهما -تعني الخفين- واحتج مخالفونا بما رواه جرير بن عبدالله أنه قال: أسلمت بعد نزول المائدة، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين، وهذا الحديث ضعيف من وجوه:
أحدها: إنكار أمير المؤمنين له كما تقدم.
والثاني: أنه مخالف لجمهور العلماء وأكابر الصحابة، ومن هو أعرف بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأمير المؤمنين، وابن عباس، وعمار، وعائشة، وأبي هريرة، وروي أن منهم من عجب من حديثه، ومنها أنه مخالف لإجماع العترة عليهم السلام فإنهم أجمعوا على أن المسح على الخفين منسوخ، ولم يجمعوا على ذلك إلا لشرع علموه وإن جهله غيرهم فإجماعهم حجة يجب اتباعها ويقبح خلافها، فثبت بذلك ما ذكرناه، واالله الهادي.
وسئل القاسم بن إبراهيم عليهما السلام عن المرأة تمسح على خمارها، فقال: أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يرون ذلك، رواه عنه في العلوم، فكان كلام القاسم عليه السلام رواية لإجماع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
باب سنن الوضوء واستحبابه
أما سننه فأربع: أولها: غسل اليدين في أوله قبل إدخالهما الإناء ووجهه.
(خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده)) وهذا يقتضي استحباب غسل يده ثلاثا قبل أن يغمسها، فأما الوجوب فلا يقتضيه لقوله فإنه لا يدري أين باتت يده، فأفاد الشك لا غير، ولم يرد التعبد الواجب بالشك، وإيجاب ما ليس بواجب قبيح، ولظاهر قول الله تعالى{إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}[المائدة:6] الآية، ولم يذكر غسل اليدين في أوله.
وثانيها: الجمع بين المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة.
पृष्ठ 29