والثاني: أن الترتيب بين هذه الأعضاء واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله لا يخلوا إما أن يكون قال ذلك في وضوء مرتب أو لا بل قاله في وضوء غير مرتب، والثاني باطل؛ لأنه كان يجب أن يكون المرتب غير مقبول، وقد أجمع علماء الإسلام على خلافه، فلم يبق إلا أنه توضأ وضوءا مرتبا فكان مقبولا، ودل على أن الوضوء الذي هو غير مرتب غير مقبول، فكان الخبر دليلا على وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء.
(خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم)) وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فدل على وجوب تقديم اليمنى من اليدين والرجلين على اليسرى منهما في الوضوء، فثبت بذلك ما ذكرناه.
فصل
ومن فرائض الوضوء عندنا التسمية، فإنها فرض على الذاكر، والذي يدل على وجوبها.
(خبر) وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا صلاة إلا بطهور، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) دل ذلك على وجوبها، وعلى أن الوضوء لا يصح مع فقدها إذ لا يكون وضوءا شرعيا إلا بها، والناسي مخصوص بالإجماع.
(خبر) ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))، والمراد حكم الخطأ والنسيان والاستكراه؛ لأنا نعلم وقوعها ضرورة.
(خبر) وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله عليه فإنه يطهر جسده كله وإن لم يذكر اسم الله عليه لم يطهر من جسده إلا ما مر عليه الماء)) ووجه ذلك دلالة الخبر أن المتوضئ قد أخذ عليه أن يطهر جسده كله فإذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يطهر بدنه كله بالوضوء إلا مع التسمية)) ثبت وجوبها فصح ما ذكرناه.
فصل
(خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أنا لا أستعين على الوضوء بأحد)) دل ذلك على كراهة الاستعانة بالغير على الوضوء ولا يدل على الحظر لما روي.
पृष्ठ 26