(خبر) وروى جابر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله إذا توضأنا أن نغسل أرجلنا، فدل ذلك على وجوب الغسل وترجيحه على المسح، وهذا واضح، وممن قرأ من القراء بخفض اللام في وأرجلكم عطفا على الرأس ابن عباس، والحسن، والشعبي، وعكرمة، وابن جرير، وقتادة، والقول بوجوب مسحهما فقط هو قول هؤلاء الطائفة، ومنهم من ذهب إلى وجوب الغسل والمسح جميعا، وقال: الغسل بالسنة والمسح بالكتاب، وهو قول الناصر للحق الحسن بن علي.
قال القاضي زيد: قال السيد أبو طالب: وروي ذلك عن القاسم عليه السلام، ومن العلماء من ذهب إلى أن المكلف مخير بين المسح والغسل، وبه قال الحسن وأبو علي الجبائي، وابن جرير، ولم نعلم أن أحدا من العلماء قال بأن قراءة الخفض منسوخة، وأكثر ما اعتل به بعضهم في إبطال حكم الخفض، وأن الواجب هو الغسل بأن ذكر ما معناه أن قراءة الخفض إنما كانت كذلك لا للعطف بل على الجوار، كقول امرئ القيس:
كبير أناس في بجاد مزمل
فخفض مزمل بالجوار أي لمجاورته لبجاد وهو مجرور بحذف حرف الجر، فكذلك هذا، ورواه عن جماعة من أهل اللغة نصوا على أن الجر بالجوار لا يدخل في كلام الله تعالى؛ لأن الجوار إنما يستعمل عند الضرورة، فالشاعر إذا اضطر استعمله اضطرارا، والله تعالى أعلى من ذلك وهو القادر على كل شيء ولا يضطره شيء؛ ولأن واو العطف تقتضي العطف بحقيقتها ولا ضرورة إلى إسقاط معنى الحقيقة هاهنا، واستعمال المجاز فبطل ما عول عليه هذا القائل، والحمد لله، حجة القائلين بالغسل أن المعلوم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه داوم على الغسل إلى أن قبض، فدل على اختياره صلى الله عليه وآله وسلم له.
(خبر) ولما سأله الأعرابي عن الوضوء قال صلى الله عليه وآله: ((توضأ كما أمرك الله فاغسل وجهك ويديك، وامسح رأسك واغسل رجليك)).
पृष्ठ 23