शौकी: चालीस वर्षों की दोस्ती
شوقي: صداقة أربعين سنة
शैलियों
خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغرهن الثناء
والتي غزلها في أول هذا الديوان، وكانت المدائح الخديوية تنشر يومئذ في الجريدة الرسمية وكان يحرر هذه أستاذي الشيخ عبد الكريم سلمان، فدفعت القصيدة إليه وطلبت منه أن يسقط الغزل وينشر المدح، فود الشيخ لو أسقط المديح ونشر الغزل، ثم كانت النتيجة أن القصيدة برمتها لم تنشر، فلما بلغني الخبر لم يزدني علما بأن احتراسي من المفاجأة بالشعر الجديد دفعة واحدة إنما كان في محله، وأن الزلل معي إذا أنا استعجلت.
اجتزأنا بهذا القسم من مقدمة «الشوقيات»؛ لأن فيه ما يدل على غيره، وهو ولا شك قد أجاد هنا ما لم يجد في مكان آخر من نثره؛ لأنه الموضوع الذي هو أملى به وأقوم عليه، وكلما كان الإنسان علامة بأمر كان كلامه فيه أوضح وأبين، وعنه أسلس وأحسن، وقد حاول شوقي أن ينثر وينشر من نثره حتى لا يقال إن الشعر قعد به عن النثر قعودا لا يرضاه لنفسه، فلم يبال الناس نثره ولا تلقوه بالاحتفال اللائق بمثل شوقي، لا لأنه كان ركيكا بحد ذاته ، بل لأنه كان غثا في جانب سمن شعره.
شوقي واليازجي
ولما اطلع العلامة الشيخ إبراهيم اليازجي على رسالة شوقي المسماة ب «عذراء الهند» كتب عنها فصلا في مجلته «البيان» أتذكر منه أن قال ما معناه: «كيف يرضى إنسان بعد أن يكون في الشعر هو الأول أن يكون في النثر هو الأخير.» ولقد بالغ اليازجي في الغض من نثر شوقي وحدانا ذلك وقتئذ برغم صداقتنا الشخصية مع اليازجي ومدائح اليازجي الكثيرة الأثيرة للعائلة الأرسلانية من قديم الزمان أن نهب للدفاع عن شوقي؛ إذ من أظلم الظلم أن يقال إن شوقي كان المجلى في النظم والسكيت
1
في النثر، بل كان شوقي من الكتاب البلغاء المبرزين لولا أن شعره سبق نثره بكثير؛ لأنه ما أراد إلا أن يكون الشاعر المقدم كما تقدم.
وأنحى اليازجي في مجلته «البيان» على شوقي بنقد شديد في روايته «عذراء الهند» تجاوز فيه الحد وجار عن القصد، وتعقبه في ألفاظ وجمل زعم أنها مما لا تجيزه قواعد العربية؛ وكأنه أراد أن يسقط منزلة شوقي بين الأدباء؛ لأن الأديب لا يصح أن يسمى أديبا إلا إذا استكمل أداته من اللغة والنحو والصرف والبيان، وإلا فإنه يبقى متأخرا في صفوف المتأدبين مهما سمت معانيه وزهت تصوراته وأثر كلامه ونفذت طعناته؛ وذلك أن الناس أجمعوا على أن الفصاحة واللحن لا يجتمعان، وأن من نقص حظه من النحو نقص حظه من الأدب، وليس هذا منحصرا في العرب بل هو عند الإفرنج أيضا؛ فليس عندهم لمنقوص النحو مكانة أدبية تذكر. وقال «أناطول فرانس»، وهو من أعظم أدباء أوروبا: «لا يقول الكاتب قولا سديدا إلا بنحو متين ولغة صحيحة.» وقال بوالو: «أعلى الكتاب كعبا إذا حرم الرسوخ في اللغة فليس بكاتب.» فمهما نبغ شوقي وفاق أقرانه في سعة التخيل ولطف التأثر، فإنه كان يكون منقوص البهاء لو آنس الناس فيه ضعفا من جهة العربية.
هذا في الحقيقة لا نزاع فيه لو كان شوقي ممن يصدق عليه مثل هذا الوصف، ولكن شوقي كان شاعرا كامل الأدوات وكان ريان من العربية الفصحى، وكانت لغته متساوية مع فكرته، فإذا سألت عليه شعاب الفكر جاء بكل لفظ فحل ومعنى بكر، وحاط كلامه من قرنه إلى قدمه بنحو راسخ ولغة تبعد عنها الركاكة فراسخ. فأما أن يجد اليازجي متعلقا لانتقاد ومتسلقا لانتقاص، فإننا لو عرضنا كلام القوم بأسره على علماء النحو وحفظة اللغة لما عز عليهم أن يجدوا في كل قول مقالا، ولما بعد أن يجدوا في كل جملة مأخذا؛ لا سيما إذا كان النحوي أو اللغوي يتقصد إظهار طوله وإثبات إحاطته. (1) علم اليازجي وتعنته
अज्ञात पृष्ठ