نقتصر على أحد الشقين ليكون الحد تجنبا عن التكرار واللغو أو تحديد آخر.
** اعتراض البعض وقبول البعض لتحديد العلم الضروري :
وقد حد العلم الضروري بأنه :
العلم الذي لا يمكن العالم نفيه عن نفسه بشك ولا شبهة ، وإن انفرد.
وهذا الحد قد صححه بعضهم ، واعترضه الباقون.
** قول المؤيدين لحد العلم الضروري :
وعلى كل حال ، فقوله : وإن انفرد ، احتراز عن العلم المكتسب إذا قارنه العلم الضروري ، فإنه والحال هذه لا يمكن نفيه عن النفس بشك ولا شبهة وإن كان مكتسبا ، لأن هذه القضية إنما وجبت فيه لمقارنة العلم الضروري ، فلولا هذا الاحتراز لانتقض الحد ، ولا نقض مع اعتباره.
** قول المعارضين للحد :
ومن لم يعتمد هذا الحد ، جعل الاعتراض عليه أن النفي إنما يتصور في الباقيات ، والعلوم عندكم مما لا يبقى ، فكيف صح ما ذكرتموه في الحد؟ ويمكن أن يجاب عنه ، فيقال : لسنا نعني بالنفي الذي ذكرناه إلا أن أحدنا لا يمكنه أن يخرج نفسه عن استمرار كونه عالما ، إلا بالنفي الذي يتصور في الباقيات.
وربما يقال : قد ذكرتم في الحد الشك ، والشك ليس بمعنى عندكم. وجوابه : أن لفظة الشك لو حدثت جاز ولم يخل بالحد ، وإذا ذكرت فلأن أكثر العلماء ذهبوا إلى أنه معنى.
وقد حد العلم الضروري بأنه العلم الذي لا يمكن العالم به نفيه عن النفس بوجه من الوجوه ، وهذا صحيح.
واتصل بهذا الكلام في أقسام العلوم الضرورية.
** أقسام العلوم الضرورية :
والأصل في ذلك ، أن العلم الضروري ينقسم إلى ما يحصل فينا مبتدأ ، وهو كالعلم بأحوال أنفسنا من كوننا مريدين وكارهين ومشتهين ونافرين وظانين ومعتقدين وما شاكل ذلك ، وإلى ما يحصل فينا عن طريق ، أو ما يجري مجرى الطريق.
पृष्ठ 23