قَالَ: وَلَا تَجْبُنَنَّ. وَهَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] أَيْ وَلَا تَضْعُفُوا عَنْ الْقِتَالِ وَإِظْهَارِ الْغُزَاةِ الْجُبْنَ لِضَعْفِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ.
قَالَ: وَلَا (٢٤ آ) تُفْسِدَنَّ وَلَا تَعْصِيَنَّ. قِيلَ مَعْنَاهُ: وَلَا تَعْصِينِي فِيمَا أَمَرْتُك بِهِ، فَفَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالطَّاعَةِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إنْ كُنْت تَطْلُبُ النُّصْرَةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَعْصِهِ.
٣٦ - ثُمَّ أَعَادَ مُحَمَّدٌ ﵀ الْحَدِيثَ بِطَرِيقٍ ثَالِثٍ بِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: لَمَّا جَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ الْجُيُوشَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ جُيُوشٌ عَلَى بَعْضِهَا أَمَّرَ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، وَعَلَى بَعْضِهَا يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَلَى بَعْضِهَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَخْرُجُوا وَيَجْتَمِعُوا فِي بِيَارِ بَنِي شُرَحْبِيلَ، وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِأَنْ يُعَسْكِرُوا خَارِجًا مِنْ الْبَلْدَةِ فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِيَجْتَمِعُوا فِيهِ، لِأَنَّ ارْتِحَالَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَعْدَ مَا اجْتَمَعُوا فِيهِ أَيْسَرُ مِنْ ارْتِحَالِهِمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ جُمْلَةً.
ثُمَّ أَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ ﵁ وَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ، ثُمَّ قَامَ فِيهِمْ
1 / 45