وَبَيَانُ هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ [التوبة: ١٢٠] .
وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ ﵀ فِي " الْكِتَابِ " بَعْدَ هَذَا: أَنَّهُ عَلِمَ بِإِخْبَارِ النَّبِيِّ ﵇ أَنَّ الشَّامَ تُفْتَحُ وَتَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَنَهَاهُمْ عَنْ التَّخْرِيبِ وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ. عَلَى مَا بَيَّنَهُ بَعْدَ هَذَا. وَهُوَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﵇ أَيْضًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى حِصْنِ ثَقِيفٍ وَفِيهِ مِنْ التَّخْرِيبِ مَا لَا يَخْفَى.
(٩ - ١٠) قَالَ: وَلَا تَذْبَحَنَّ بَقَرَةً وَلَا شَاةً، وَلَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاشِي إلَّا لِأَكْلٍ. لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ نَهَى عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إلَّا لِأَكْلِهِ» . وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَانِمِينَ تَنَاوُلُ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَنَّ ذَبْحَ الْمَأْكُولِ لِلْأَكْلِ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. ثُمَّ مُحَمَّدٌ ﵀ أَعَادَ هَذَا الْحَدِيثَ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَلَا تَغُلَّنَّ. وَفِيهِ بَيَانُ حُرْمَةِ الْغُلُولِ، وَهُوَ اسْمٌ لِأَخْذِ بَعْضِ الْغَانِمِينَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ سِرًّا لِنَفْسِهِ سِوَى الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، وَذَلِكَ حَرَامٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] وَقَالَ ﵇: «الْغُلُولُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» .
1 / 44