الْمَاشِي، فَإِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ أَنْزِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مَا أَنَا بِاَلَّذِي أَرْكَبُ وَلَا أَنْتَ بِاَلَّذِي تَنْزِلُ إنِّي أَحْتَسِبُ خُطَايَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. الْحَدِيثَ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَغْتَنِمَ الْمَشْيَ فِي تَشْيِيعِ الْغُزَاةِ، عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ، كَمَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ ﵁. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁: «مَا اجْتَمَعَ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ مُسْلِمٍ» .
٣٥ - وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ هَذَا حَدِيثَ أَبِي بَكْرٍ ﵁ بِطَرِيقٍ آخَرَ أَنَّهُ أَتَى بِرَاحِلَتِهِ لِيَرْكَبَ. فَقَالَ: بَلْ أَمْشِي، فَقَادُوا رَاحِلَتَهُ وَهُوَ يَمْشِي، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ وَأَمْسَكَهُمَا بِإِصْبَعَيْهِ رَغْبَةً أَنْ تَغَبَّرَ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ «هَذَا اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ ﵇، فَإِنَّهُ حِينَ بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ شَيَّعَهُ وَمَشَى مَعَهُ مِيلًا أَوْ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ» . وَنَظِيرُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ﵄ «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَنَجَائِبُهُ تُقَادُ إلَى جَنْبِهِ. فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَرْكَبُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﵇؟ فَقَالَ: لَا. إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﵇ يَقُولُ: مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ تَمَسَّهُمَا نَارُ جَهَنَّمَ» (٢٣ آ) . فَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُشَيِّعُ الْحَاجَّ أَوْ الْغُزَاةَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ﵁
1 / 40