وجدير بركن الدين أن يكون موضع تقدير الجميع؛ فهو من عرفت علمًا وخلقًا وتدينًا، وتواضعًا، ولعل ياقوت الحموي "ت ٦٢٦هـ" قد اكتشف مواهبه المبكرة واتصل به عن قرب وعرف عنه من العلم والفضل أكثر مما عرفناه بكثير، فأطلق عليه عبارته المشهورة التي حفظها التاريخ الطويل وسوف يحفظها للأجيال اللاحقة إن شاء الله، وهي عبارته التي يصف فيها ركن الدين بقوله: "النحوي، اللغوي، الأديب، حسنة طبرستان، وأوحد ذلك الزمان".
وقد أعجب العلماء بنحو ركن الدين، لدرجة أننا نرى بعضهم من شدة إعجابه بما كتبه ركن الدين تشحذ قريحته، فينشد شعرًا يصرح فيه بأنه من أراد نحوًا مهذبًا فعليه بكتاب المتوسط، لركن الدين، ويصرح ثانية بأن من يريد نحو الأعالي فعليه بمقال ركن الدين في المتوسط، استمع إليه وهو يقول عن كتاب المتوسط:
يا من يهذب منطقا بالنحو خذ ... بالحاجبية وامش في المتوسط
إن النتيجة لا يفوز بصدقها ... من لم يفز يوما بخير أوسط
لا تطلب الأعلى فإن مناله ... صعب ولا ترض المذل فتسقط
فالخير في وسط الأمور وإنني ... شاهدت كل النفع في المتوسط
يا قاصدا نحو الأعالى جاهدًا ... في النحو خذ منه بوجه أحوط
بالحاجبية خذ وثق في حلها ... بمقال ركن الدين في المتوسط
هذا إلى أنني لست أزعم أن صاحبي ركن الدين مبرأ من كل عيب، فما هو بمعصوم ولقد أخذت عليه أنه كان -مع دقته الشديدة-
1 / 60