शरह रिसाला नसीहा
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
शैलियों
[الكلام في الخلود في الجنة والنار]
فمذهبنا في هذه المسألة: أن من وعده الله -سبحانه- بدخول الجنة أنه صائر إليها وخالد فيها، والخلود : هو الدوام أبدا لقوله تعالى: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون(34) }[الأنبياء]، فلولا أن الخلود هو الدوام أبدا لكانت الآية لاحقة بالكذب الذي لا يجوز عليه لقبحه -جل عن ذلك وعلا- لأن الكل ممن قبله -عليه وآله السلام- قد بقي بقاء منقطعا، وأن من توعده الله -تعالى- من العاصين بدخول النار فإنه صائر إليها، وخالد فيها.
وخالفت المجبرة في ذلك على طبقاتها، ويلحق بهذا الخلاف قول السوفسطائيه لنفيهم لحقائق الأشياء وتجويزهم أن يكون الذي عوقب غير الذي عصى، فمن قطع على ذلك قطعا كانت يده في الخلاف أقوى، وظهور الأمر في تخطئته أجلى.
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الله -تعالى- قد وعد وأوعد، وإخلاف الوعد والوعيد كذب، والكذب قبيح، والله -تعالى- لا يفعل القبيح.
أما أنه تعالى وعد وأوعد: فذلك ظاهر في آيات القرآن الكريم والسنة الشريفة الماضية، قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية(7)جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8)}[البينة]، فنسأل الله -تعالى- أن يجعلنا تحت الرضى، وأن يجعلنا ممن آثر خشيته على منافع الدنيا.
وقال -سبحانه- في العاصين: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا(23)}[الجن].
وإسم المعصية واقع بالإتفاق على كل من فعل قبيحا أو ترك واجبا، والتائب مستثنى بدلالة قوله سبحانه في مثل ذلك: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحا}[الفرقان:70].
पृष्ठ 194