248

शरह नहज बलाघा

شرح نهج البلاغة

संपादक

محمد عبد الكريم النمري

प्रकाशक

دار الكتب العلمية

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1418 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

بيروت

وخطب يوما ، فقال : إن الله أمرنا بطلب الآخرة ، وكفانا مؤونة الدنيا ، فليته كفانا مؤونة الآخرة ، وأمرنا بطلب الدنيا . فقال الحسن : ضالة المؤمن خرجت من قلب المنافق .

ومن الكلام المنسوب إليه - وأكثر الناس يروونه عن أمير المؤمنين عليه السلام : أيها الناس ، اقدعوا هذه النفس ؛ فإنها أسأل شيء إذا أعطيت ، وأبخل لشيء إذا سئلت ، فرحم الله امرأ جعل لنفسه خطاما وزماما ، فقادها بخطامها إلى طاعة الله ، وعطفها بزمامها عن معصية الله ؛ فإني رأيت الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله .

ومن كلامه : إن امرأ أتت عليه ساعة من عمره لم يذكر فيها ربه ، ويستغفر من ذنبه ، ويفكر في معاده ، لجدير أن يطول حزنه ، ويتضاعف أسفه . إن الله كتب على الدنيا الفناء ، وعلى الآخرة البقاء ، فلا بقاء لما كتب عليه الفناء ، ولا فناء لما كتب عليه البقاء ؛ فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة ، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل .

ونقلت من أمالي أبي أحمد العسكري رحمه الله تعالى قال : خطب الحجاج يوما ، فقال : أيها الناس ، قد أصبحتم في أجل منقوص ، وعمل محفوظ . رب دائب مضيع وساع لغيره والموت في أعقابكم ، والنار بين أيديكم ، والجنة أمامكم ، خذوا من أنفسكم لأنفسكم ، ومن غناكم لفقركم ، ومما في أيديكم لما بين أيديكم ، فكأن ما قد مضى من الدنيا لم يكن ، وكأن الأموات لم يكونوا أحياء ؛ وكل ما ترونه فإنه ذاهب . هذه شمس عاد وثمود وقرون كثيرة بين ذلك ، هذه الشمس التي طلعت على التبابعة والأكاسرة وخزائنهم السائرة بين أيديهم وقصورهم المشيدة ، ثم طلعت على قبورهم ! أين الملوك الأولون ! أين الجبابرة المتكبرون ! المحاسب الله ، والصراط منصوب ، وجهنم تزفر وتتوقد ، وأهل الجنة ينعمون ، هم في روضة يحبرون ، جعلنا الله وإياكم من الذين ، ' إذا ذكروا بأيات ربهم لم يخروا عليهم صما وعميانا ' .

قال : فكانوا الحسن رحمه الله تعالى يقول : ألا تعجبون من هذا الفاجر ! يرقى عتبات المنبر فيتكلم بكلام الأنبياء ، وينزل فيفتك فتك الجبارين ، يوافق الله في قوله ، ويخالفه في فعله ! .

في الكلام على المقابلة

وأما ما ذكره الرضي رحمه الله تعالى من المقابلة بين السبقة والغاية ، فنكتة جيدة من علم البيان ؛ ونحن نذكر فيها أبحاثا نافعة ، فنقول : إما أن يقابل الشيء ضده أو ما ليس بضده . فالأول كالسواد والبياض ؛ وهو قسمان : أحدهما مقابله في اللفظ والمعنى ، والثاني : مقابله في المعنى لا في اللفظ .

पृष्ठ 62