النسبة بحسب اختلاف درجات أفعال ابائهم في الخير والشر وتفاوت أخلاقهم في الشرف والخسة حتى لو كان الأب رجلا شريفا أو وضيعا ففعل الابن فعلا مناسبا لفعل أبيه أو تكلم بكلام مناسب لكلامه قيل، فلان ابن أبيه، كذلك يطلق مجازا على من ينسب إلى أمر شريف أو خسيس يكون عالما به وعاقلا له وذلك من باب الاستعارة والتشبيه حتى إذا تكرر عنه ذلك الامر أو عرف منه فضيلة أو رذيلة نسب إليها وصار معروفا بها كما كان يعرف بأنه ابن فلان وينسب (1) إليه وفى هذا الكلام أيضا ما في الأول من الحث على طلب أشرف الرتب واعلى الدرجات الموصلة إلى السعادة الدنياوية والأخروية وتنبيه للعاقل على ما عسى أن يكون غافلا عنه من أنه يجب ان لا يرضى بناقص الأعمال ودنيها بل يواظب على طلب الأشرف من ذلك والأعلى حتى لا ينتسب الا إليه ولا ينتسب إلى أب ساقط وضيع فيعلم حينئذ ان الفخر السنى والكمال البهى والشرف الأصيل والمنصب الجليل إنما هو بتخلية الذات عن المنجسات وتحليتها بأشرف الصفات لا بشرف القنيات (2) والنسبة إلى العظام الرفاة، شعر:
وما الفخر بالعظم الرميم وإنما * فخار الذي يبغي الفخار بنفسه الكلمة الثامنة قوله عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه (3).
أقول: يقال: خبأت الشئ أخبأه خبئا إذا سترته وحفظته عن النظر، واللسان
पृष्ठ 63