ليحصل المعنى ويفرقون بينه وبين الإضمار بأن المضمر ما يبقى له اثر في اللفظ كقولك خير مقدم بإضمار قدمت وبالجملة فلا سبيل إلى الجزم بوجود الشرائط وعدم الموانع بل غايته الظن وما يبتني على الظن لا يفيد إلا الظن ومن جملة مالا بد منه ولا سبيل إلى الجزم به انتفاء المعارض العقلي إذ مع وجوده يجب تأويل النقل وصرفه عن ظاهره لأنه لا يجوز تصديقهما لامتناع اعتقاد حقية النقيضين ولا تكذيبهما لامتناع اعتقاد بطلان النقيضين ولا تصديق النقل وتكذيب العقل لأنه أصل النقل لاحتياجه إليه وانتهائه بالآخرة إليه لما سبق من أنه لا بد من معرفة صدق النقل بدليل عقلي وفي تكذيب الأصل لتصديق الفرع تكذيب الأصل والفرع جميعا وما يفضي وجوده إلى عدمه باطل قطعا واقتصر في المتن على هذا لكونه وافيا بتمام المقصود وذلك لأنه لما امتنع تصديق النقل لاستلزامه تكذيب العقل الذي هو الأصل ثبت أنه لا يفيد العلم إذ لا معنى لعدم تصديقه سوى هذا ولا حاجة إلى باقي المقدمات مع ما في الحصر من المناقشة إذ لا يلزم تصديقهما أو تكذيبهما أو تصديق أحدهما وتكذيب الآخر لجواز أن يحكم بتساقطهما وكونهما في حكم العدم من غير أن يعتقد معهما حقية شيء أو بطلانه ولو جعل التكذيب مساويا لعدم التصديق لم يلزم من تكذيب العقل والنقل اعتقاد ارتفاع النقيضين وبطلانهما لأن معنى عدم تصديق الدليل عدم اعتقاد صحته واستلزامه لحقية النتيجة وهذا لا يستلزم بطلانها أو اعتقاد بطلانها وارتفاعها فغاية الأمر التوقف في الإثبات والنفي على أن تكذيبهما أيضا يستلزم المطلوب أعني عدم إفادة النقل العلم فنفيه يكون مستدركا في البيان هذا والحق أن الدليل النقلي قد يفيد القطع إذ من الأوضاع ما هو معلوم بطريق التواتر كلفظ السماء والأرض وكأكثر قواعد الصرف والنحو في وضع هيئات المفردات وهيئات التراكيب والعلم بالإرادة يحصل بمعونة القرائن بحيث لا تبقى شبهة كما في النصوص الواردة في إيجاب الصلاة والزكاة ونحوهما وفي التوحيد والبعث إذا اكتفينا فيهما بمجرد السمع كقوله تعالى * (قل هو الله أحد) * فاعلم أنه لا إله إلا الله * (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) * فإن قيل احتمال المعارض قائم إذ لا جزم بعدمه بمجرد الدليل النقلي أو بمعونة القراين قلنا أما في الشرعيات فلا خفاء إذ لا مجال للعقل فلا معارض من قبله ونفي المعارض من قبل الشرع معلوم بالضرورة من الدين في مثل ما ذكرنا من الصلاة والزكاة وأما في العقليات فلأن العلم بنفي المعارض العقلي لازم حاصل عند العلم بالوضع والإرادة وصدق المخبر على ما هو المفروض في نصوص التوحيد والبعث وذلك لأن العلم بتحقق أحد المتنافيين يفيد العلم بانتفاء المنافي الآخر كما سبق في إفادة النظر العلم بالمطلوب وبانتفاء المعارض فإن قيل إفادتها اليقين تتوقف على العلم بنفي المعارض فإثباته بها يكون دورا قلنا إنما يثبت بها التصديق بحصول هذا العلم بناء على حصول ملزومه على أن
पृष्ठ 54