289

शरह मकासिद

شرح المقاصد في علم الكلام

प्रकाशक

دار المعارف النعمانية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1401هـ - 1981م

प्रकाशक स्थान

باكستان

الثالث قوله تعالى

﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا

فإن ذكر الاجتماع والاستظهار بالغير في مقام التحدي إنما يحسن فيما لا يكون مقدورا للبعض ويتوهم كونه مقدورا للكل فيقصد نفي ذلك فإن قيل لو كان القصد إلى لإعجاز بالبلاغة لكان ينبغي أن يؤتى بالكل في أعلى الطبقات لكونه أبلغ في خرق العادة والمذهب أن الله تعالى قادر على أن يأتي بما هو أفصح مما أتى به وأبلغ وأن بعض الآيات في باب البلاغة أعلى وأرفع كقوله تعالى

﴿وقيل يا أرض ابلعي ماءك

الآية بالنسبة إلى سورة الكافرين مثلا قلنا هذا أوفى بالغرض وأوضح في المقصود بمنزلة صانع يبرز من مصنوعاته ما ليس غاية مقدوره ونهاية ميسوره ثم يدعو جماهير الحذاق في الصناعة إلى أن يأتوا بما يوازي أو يداني دون ما ألقاه وأهون ما أبداه وأما المقام الثالث فإشراف العرب مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلام وفرط عداوتهم للإسلام لم يجدوا فيه للطعن مجالا ولم يوردوا في القدح مقالا ونسبوه إلى السحر على ما هو دأب المحجوج المبهوت تعجبا من فصاحته وحسن نظمه وبلاغته واعترفوا بأنه ليس من جنس خطب الخطباء أو شعر الشعراء وإن له حلاوة وعليه طلاوة وإن أسافله مغدقة وأعاليه مثمرة فآثروا المقارعة على المعارضة والمقاتلة على المقاولة وأبى الله إلا أن يتم نوره على كره من المشركين ورغم المعاندين وحين انتهى الأمر إلى من بعدهم من أعداء الدين وفرق الملحدين اخترعوا مطاعين ليست إلا هزءة للساخرين وضحكة للناظرين منها أن فيه كلمات غير عربية كالإستبرق والسجيل والقسطاس والمقاليد فكيف يصح أنه عربي مبين فرد بأن ذلك من توافق اللغتين أو المراد أنه عربي النظم والتركيب أو الكل عربي على سبيل التغليب ومنها أن فيه خطأ من جهة الإعراب مثل إن هذان لساحران وأن الذين هادوا والصابئون ولكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة ورد بأن كل ذلك صواب على ما بين في علم الإعراب ومنها أن فيه مما يكذبه حيث أخبر بأنه لا يتيسر للبشر والجن بل الإنس والجن الآيتان بمثل سورة منه واقل السور ثلاث آيات ثم حكي عن موسى مع اعترافه بأن هارون أفصح منه مقدار إحدى عشرة آية منه وهي قوله تعالى

﴿رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري

إلى قوله

﴿إنك كنت بنا بصيرا

ورد بأن المحكي لا يلزم أن يكون لهذا النظم بعينه على أن المختار عند البعض في المتحدي به سورة من الطوال أو عشر من الأوساط ومنها أن فيه متشابهات يتمسك بها أهل الغواية كالمجسمة بمثل

﴿الرحمن على العرش استوى

ورد بأنها لنيل المثوبة بالنظر والاجتهاد في طلب المراد أو لفوائد لا تحصى بالرجوع إلى الراسخين في العلم ومنها أن فيه عيب التكرار كإعادة قصة فرعون في عدة مواضع وكإعادة

﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان

و

﴿ويل يومئذ للمكذبين

في سورة الرحمن والمرسلات ورد بأنه ربما يكون من محاسن الكلام على ما يقرره علماء البيان فيما وقع منه في القرآن ومنها أن فيه قوله

﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

وأنت تجد فيه من الاختلاف المسموع من أصحاب القراءة ما يربى على اثني عشر ألفا ورد بأن المراد من الاختلاف المنفي هو التفاوت في مراتب البلاغة بحيث يكون بعضه قاصرا عن مرتبة الإعجاز لا يقال تقدير الطعن فاسد عن أصله لأنه استدلال بثبوت اللازم على ثبوت الملزوم لأنا نقول لا بل هو مبني على أن كلمة لو في اللغة تفيد انتفاء الجزاء لانتفاء الشرط يعني عدم وجدان الاختلاف فيه بسبب أنه ليس من عند غير الله وأما إذا حملت كلمة لو في الآية على ما هو قانون الاستدلال كما في قوله تعالى

﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا

فهو استدلال بنفي اللازم على نفي الملزوم أي لكن لم يوجد فيه الاختلاف فلم يكن من عند غير الله وتمام تحقيق هذا المقام يطلب من شرحنا لتلخيص المفتاح ومنها أن فيه التناقض كقوله تعالى

﴿فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان

مع قوله

﴿فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون

﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع

مع قوله

﴿ولا طعام إلا من غسلين

إلى غير ذلك من مواضع يتوهم فيها تنافي الكلامين ورد بمنع وجود شرايط التناقض وقد بين ذلك على التفصيل في كتب التفسير ومنها أن فيه الكذب المحض كقوله تعالى

﴿ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم

للقطع بأن الأمر للسجود لم يكن بعد خلقنا وتصويرنا ورد بأن المراد خلق أبينا آدم وتصويره ومنها أن فيه الشعر من كل بحر وقد قال

﴿وما علمناه الشعر

فمن الطويل

﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

ومن المديد

﴿واصنع الفلك بأعيننا

ومن البسيط

﴿ليقضي الله أمرا كان مفعولا

ومن الوافر

﴿ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين

ومن الكامل

﴿والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

ومن الهزج

﴿تالله لقد آثرك الله علينا

ومن الرجز

﴿ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا

ومن الرمل

﴿وجفان كالجواب وقدور راسيات

ومن السريع

﴿قال فما خطبك يا سامري

ومن المنسرح

﴿إنا خلقنا الإنسان من نطفة

ومن الخفيف

﴿أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم

ومن المضارع

﴿يوم التناد يوم تولون مدبرين

ومن المقتضب

﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا

ومن المجتث

﴿المطوعين من المؤمنين في الصدقات

ومن المتقارب

﴿وأملي لهم إن كيدي متين

ورد بأن مجرد كون اللفظ على هذه الأوزان لا يكفي بل لا بد من تعمد الوزن وعند البعض من التقفية على أن في كثير مما ذكر نوع تغيير ولو سلم فالتغليب باب واسع قال وأما النوع الثاني من أنواع المعجزات إخباره عن الغيوب الماضية والمستقبلة أما الماضية فكقصة موسى وفرعون وقصة يوسف وقصة إبراهيم ونوح ولوط وغيرهم عليهم السلام على تفاصيلها وطولها من غير سماع من أحد ولا يلقن من كتاب على ما أشير إليه بقوله تعالى

﴿تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا

وأما المستقبلة فمنها ما في القرآن كقوله تعالى

﴿وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها

﴿الم غلبت الروم

إلى قوله

﴿وعد الله لا يخلف الله وعده

﴿سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب

﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر

﴿ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد

﴿ليستخلفنهم في الأرض

﴿لتدخلن المسجد الحرام

﴿ليظهره على الدين كله

﴿لا يأتون بمثله

﴿فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا

﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد

ومنها ما ليس فيه كقوله عليه السلام لعلي رضي الله تعالى عنه تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين ولعمار تقتلك الفئة الباغية وقوله عليه السلام زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها وقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة وكإخباره بهلاك كسرى وقيصر وزوال ملكهما وإنفاق كنوزهما في سبيل الله وباستيلاء الأتراك إلى غير ذلك مما ورد في صحاح الأحاديث وقد اقترنت بدعوى النبوة فيتميز عن الكرامات وبطهارة النفس وصوالح الأعمال وترك المراجعة إلى أحوال الكواكب والنظر في آلاتها فيتميز عن السحر والكهانة والنجوم وأمثال ذلك قال وأما النوع الثالث من أنواع المعجزات أفعال ظهرت منه عليه السلام على خلاف العادة تربى على ألف وقد فصلت في دلايل النبوة بعضها إرهاصية ظهرت قبل دعوى النبوة وبعضها تصديقية ظهرت بعدها وتنقسم إلى أمور ثابتة في ذاته أو أمور متعلقة لصفاته وأمور خارجة عنهما

فالأول كالنور الذي كان ينقلب في آبائه إلى أن ولد وكولادته مختونا مسرورا واضعا إحدى يديه على عينيه والأخرى على سؤته وما كان من خاتم النبوة بين كتفيه وطول قامته عند الطويل ووساطته عند الوسيط ورؤية من خلفه كان يرى من قدامه

والثاني كاستجماعه الغاية القصوى من الصدق والأمانة والعفاف والشجاعة والفصاحة والسماحة والزهد والتواضع لأهل المسكنة والشفقة على الأمة والمصابرة على متاعب النبوة والمواظبة على مكارم الأخلاق وكبلوغه النهاية في العلوم والمعارف الإلهية وتمهيد المصالح الدينية والدنيوية وككونه مستجاب الدعوة على ما دعى لابن عباس رضي الله تعالى عنه بقوله اللهم فقهه في الدين فصار إمام المفسرين ودعا على عتبة بن أبي لهب بقوله اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه الأسد وعلى مضر بقوله اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعل عليهم سنين كسني يوسف فمنع الله القطر عنهم سنين وعلى من لحقه من الكفار حين خرج من الغار بقوله يا أرض خذيه فساخت قوايم فرسه

والثالث كخرور الأوثان سجدا ليلة ولادته وسقوط شرف قصور الأكاسرة وباء ظلال السحاب عليه وكانشقاق القمر وانقلاع الشجر وتسليم الحجر ونبوع الماء من بين أصابعه إلى أن رويت الجنود ودوابهم وشبع الخلق الكثير من طعامه اليسير وحنين الجذع في مسجد المدينة حين انتقل منه إلى المنبر وشكاية النوق عن أصحابها وشهادة الشاة المشوية يوم خيبر بأنها مسمومة ودرور الضرع من الشاة اليابسة الجرباء لأم معبد حين مسح يده عليها وخطاب الذئب وهب بن أوس بقوله أتعجب من أخذى شاة وهذا محمد يدعو إلى الحق فلا تجيبونه وتسبيح الحصى وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى قوله وقد يستدل ما سبق هو العمدة في إثبات النبوة وإلزام الحجة على المجادل والمعاند وقد يذكر وجوه أخر تقوية له وتتميما وإرشاد الطالب الحق وتعليما

الأول أنه قد اجتمع فيه من الأخلاق الحميدة والأوصاف الشريفة والسير المرضية والكمالات العلمية والعملية والمحاسن البديعة الراجعة إلى النفس والبدن والنسب والوطن ما يجزم العقل بأنه لا يجتمع إلا لنبي وتفاصيل ذلك تصنيف على حدة

الثاني أن من نظر فيما اشتملت عليه شريعته مما يتعلق بالاعتقادات والعبادات والمعاملات والسياسات والآداب وعلم ما فيها من دقايق الحكمة علم قطعها أنها ليست إلا وضعا إلهيا ووحيا سماويا والمبعوث بها ليس إلا نبيا

पृष्ठ 188