288

शरह मकासिद

شرح المقاصد في علم الكلام

प्रकाशक

دار المعارف النعمانية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1401هـ - 1981م

प्रकाशक स्थान

باكستان

وثانيا بأن الصحابة عند جمع القرآن كانوا يتوقفون في بعض السور والآيات إلى شهادة الثقاة وابن مسعود رضي الله تعالى عنه قد بقي مترددا في الفاتحة والمعوذتين ولو كان نظم القرآن معجزا بفصاحته لكان كافيا في الشهادة والجواب عن الأول بأن حكم الجملة قد يخالف حكم الأجزاء وهذه بعينها شبهة من نفي قطعية الإجماع والخبر المتواتر ولو صح ما ذكر لكان كل من آحاد العرب قادرا على الإتيان بمثل قصايد فصحائهم كامرئ القيس وأضرابه واللازم قطعي البطلان وعن الثاني بعد صحة الرواية وكون الجمع بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا في زمانه وكون كل سورة مستقلة بالإعجاز أن ذلك كان للاحتياط والاحتراز عن أدنى تغيير لا يخل بالإعجاز وأن إعجاز كل سورة ليس مما يظهر لكل أحد بحيث لا يبقى له تردد أصلا وقيل إعجازه بنظمه الغريب المخالف لما عليه كلام العرب في الخطب والرسائل والأشعار وقيل بسلامته عن الاختلاف والتناقض وقيل باشتماله على دقائق العلوم وحقايق الحكم والمصالح وقيل بإخباره عن المغيبات ورد بأن حماقات مسيلمة ومن يجري مجراه أيضا على ذلك النظم وبأنه كثيرا ما يسلم كلام البلغاء عن الاختلاف والتناقض ويشتمل كلام الحكماء على العلوم والحقايق والأخبار عن المغيبات التي لا توجد إلا في قليل من الكتاب فإن قيل لا يظهر فرق بين كون الإعجاز بنظمه الخاص وكونه ببلاغة النظم ليجعلا مذهبين متقابلين ويجعل كون الإعجاز بالأمرين جميعا مذهبا ثالثا ينسب إلى القاضي على ما قال إمام الحرمين أن وجه الإعجاز عندنا هو اجتماع الجزالة مع الأسلوب والنظم المخالف لأساليب كلام العرب من غير استقلال لأحدهما إذ ربما يدعي أن بعض الخطب والأشعار من كلام أعاظم البلغاء لا ينحط عن جزالة القرآن انحطاطا بينا قاطعا للأوهام وربما يقدر نظم ركيك يضاهي نظم القرآن على ما روي من ترهات مسيلمة الكذاب الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وثيل وخرطوم طويل فلزم كون الإعجاز بالنظم البديع مع الجزالة أعني البلاغة وهو التعبير عن معنى سديد بلفظ شريف وأن ينبئ عن المقصود من غير مزيد ثم قال وفي القرآن سوى النظم والبلاغة وجهان آخران من الإعجاز هما الإخبار عن قصص الأولين من غير سماع وتلقين والإخبار عن المغيبات المستقبلة متكررة متوالية قلنا معنى الأول أن نظم القرآن وتركيبه يخالف المعتاد من أساليب كلام العرب إذ لم يعهد فيه كون المقاطع على مثل يعلمون ويفعلون والمطالع على مثل

﴿يا أيها الناس

و

﴿يا أيها المزمل

و

﴿الحاقة ما الحاقة

و

﴿عم يتساءلون

وأمثال ذلك ومعنى الثاني أن نظمه بالغ في الفصاحة والمطابقة لمقتضى الحال الجد الخارج عن طوق البشر وكان معنى النظم على الأول ترتب الكلمات وضم بعضها إلى البعض وعلى الثاني جمعها مترتبة المعاني متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل على ما قال عبدالقاهر أن النظم هو توخي معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يصاغ لها الكلام ولهذا زيادة بيان في بعض كتبنا في فن البيان وقد استدل على بطلان الصرفة بوجوه

الأول أن فصحاء العرب إنما كانوا يتعجبون من حسن نظمه وبلاغته وسلاسته في جزالته ويرقصون رؤسهم عند سماع قوله تعالى

﴿وقيل يا أرض ابلعي ماءك

الآية لذلك لا لعدم تأتي المعارضة مع سهولتها في نفسها

الثاني أنه لو قصد الإعجاز بالصرفة لكان الأنسب ترك الاعتناء ببلاغته وعلو طبقته لأنه كلما كان أنزل في البلاغة وأدخل في الركاكة كان عدم تيسر المعارضة أبلغ في خرق العادة

पृष्ठ 185