المقام ذلك، كما أوضحت الخلاف في كونه مرادفًا للرسول أو مخالفًا له في كون الرسالة أفضل من النبوة كما هو رأي الجمهور، أو النبوة أفضل لتعلق طرفيها بالله تعالى دون الرسالة، كما لهج بن العز بن عبد السلام في قواعده واماليه وغيرهما، أو الخلاف لفظي كما اخترته في مصنفاتي، وبسطته مع غالب مباحث النبوة في «شرح المضرية» غاية البسط، والله أعلم. وخص «النبيين» دون «الرسل» لأن النبوة تستلزم الرسالة كما هو مبسوط في التفاسير، ولا يتنقض بما تقرر من نزول «عيسى» ﵇ في آخر الزمان، لأنه ينزل كواحد من أمته يحكم بشرعته لا على حسب الاستقلال، على أن المراد أنه آخر من تنبأ، وهو مفرد في هذا الوصف كما أومأ إليه «القاضي» وغيره.
لطيفة: قال «التاج السبكي» في طبقاته الكبرى: قال لي شيخنا الذهبي مرة: من في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق ﵁ بالإجماع؟ فقلت: يفيدنا الشيخ: فقال: عيسى بن مريم ﵇، فإنه من أمة المصطفى، ينزل على باب دمشق، ويأتم في الصلاة بإمامها ويحكم بهذه الشريعة.
ولما كان النبي ﷺ هو الواسطة العظمى الذي به نتواصل إلى ربنا، وكان ﵇ من العزة والشرف بمكان، احتجنا إلى وسائط نقدمها إليه، ونجعلها وسيلة عنده ﷺ، وما ذلك إلا عترته الطاهرة الذين جاءت في مدحهم والثناء عليهم الأحاديث الشريعة والآي الطاهرة، ولذلك خصهم المصنف بالانتظام في سلك الصلاة عليه، عاطفًا لهم على محمد ﵊، فقال: (وعلى آله أجمعين)، أقول: الآل: اسمُ جمع لا واحد له من لفظه، وألفه مبدلة عن هاء كما هو مذهب
1 / 53