وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
ولو أضمر فاعل الفعل الأول لقال: أو يكشفن، إذ الفرق بين مذهب سيبويه رحمه الله ومذهب الكسائي إنما يظهر بالتثنية والجمع، فيبرز الضمير فيهما على مذهب سيبويه رحمه الله، وأما على مذهب الكسائي فالإفراد والتثنية والجمع بمنزلة واحدة لحذف الفاعل.
فالجواب: إن الذي يدل على صحة مذهب سيبويه أنه قد حكي من كلام العرب: ضربوني وضربت قومك وضرباني وضربت الزيدين، وهذا لا يخرج إلا على مذهب سيبويه رحمه الله.
وأما هذه الأبيات فقد تتخرج على أن يكون الضمير فيها عائدا على الجمع أو التثنية بلفظ المفرد، فاستتر كما يستتر في حال الإفراد، والدليل من كلام العرب على جواز عود الضمير على المثنى والمجموع على حد عوده على المفرد ما حكي من كلام العرب هو أحسن الفتيان وأجمله، وأحسن بني أبيه وأنبله، وقد كان ينبغي أن يقول: وأجملهم وأنبلهم، فأجرى ذلك مجرى المفرد.
ومنه قوله تبارك وتعالى: {وإن لكم فى الانعم لعبرة نسقيكم مما فى بطونه} (النحل: 66) ولم يقل: في بطونها، وكذلك أنشدوا قول الشاعر:
ألبان إبل تعلة بن مسافر
ما دام يملكها علي حرام
وطعام عمران بن أوفى مثله
ما دام يسلك في البطون طعام
فقال: مثله، ولم يقل مثلها. وكذلك قول الآخر:
مثل القطا قد نتقت حواصله
ولم يقل حواصلها، وكذلك أيضا أنشدوا قوله:
فيها خطوط من سواد وبلق
كأنه في الجلد توليع الوهق
ولم يقل كأنها. ومنه الأثر: خير النساء صوالح نساء قريش، أحناه على ولده وأرعاه على زوجه في ذات يده. ولم يقل أحناهن ولا أرعاهن.
ومثال عوده مفردا على المثنى قول الشاعر:
فكأن في العينين حب قرنفل
أو سنبلا كحلت به فانهلت
ولم يقل كحلتا به. وكذلك أنشدوا أيضا قول النابغة الجعدي:
पृष्ठ 78