الشرح: يريد بقوله: خروج الدم من فوق: ما كان بالقئ من تلقاء نفسه، لأن ما كان من الأنف يقال فيه رعاف، ولا يقال خروج الدم من فوق. وقوله: كيف كان: أي كيف كانت صفته، أي سواء كان أسود أو أحمر أو غير ذلك. ويريد بخروجه من أسفل: خروجه من أفواه العروق، لأن ما سوى ذلك لا يقال فيه خروج الدم من أسفل، بل يقال: إسهال الدم، أو اختلاف الدم، أو ما شابه ذلك. وأما في أفواه العروق فيقال لصاحبه أنه يخرج منه دم من أسفل، ولا يقال له ينسهل الدم أو يختلف الدم، ويريد بذلك ما كان على سبيل البحران؛ ولذلك قال: خروج B الدم، فإنه فرق بين قولنا: خروج كذا، وقولنا: إخراج كذا، وقولنا: كذا يخرج من تلقاء نفسه. فإن قولنا: "إخراج كذا" لا يكون إلا إذا كان لذلك مخرج ظاهر، كالدواء وغيره. وقولنا: "كذا يخرج من تلقاء نفسه" يكون إذا كان نفس ذلك الشئ له تأثير في خروجه، إما مستقلا كخروجه بثقله إذا بخلت (194) الأعضاء عن إمساكه، أو غير مستقل كما إذا أحوج الطبيعة بحدته ولذعه إلى إخراجه كما بيناه في البراز الأسود. وقولنا:" خروج كذا"؛ يفهم من ما يعم المفهومين المذكورين مع مفهوم (195) ثالث وهو خروجه عن سبب خفي، إلا أنه لما اختص كل واحد من المفهومين الأولين بلفظ يخصه، وجب أن يخص هذا المفهوم الثالث بهذا اللفظ الخاص وهو خروج كذا؛ وإنما كان ذلك رديئا إذا كان من فوق، وجيدا إذا كان من أسفل، لأن خروجه من فوق بالقئ مما يضر المعدة، وربما جمد A فيها بعضه، ويوجب سقوط الشهوة. وأما خروجه من أفواه العروق، فليس كذلك، مع نفعه من أمراض كثيرة، فإنه ينفع من كل مرض سوداوي، ومن أوجاع الورك والكلى والأرحام. وقوله: "إذا خرج منه شئ أسود"؛ أي أنه علامة جيدة إذا خرج منه شئ أسود، لأن ذلك يكون استفراغا لمادة رديئة ضارة بالكم والكيف. وأما إذا كان أحمر، فإنه لا يكون إخراجا لضار بالكيف بل بالكم فقط. بقى هاهنا دقيقة، وهو قوله: "شئ أسود"؛ ولم يقل: "إذا كان ذلك أسود"؛ وذلك لأنه لا يقال أن كذا منه شئ أسود، إلا إذا كان لبعضه لون آخر ليس بأسود؛ وقد بينا أن خروج المواد إذا كان بالأدوية أو بدفع الطبيعة على سبيل البحران، فكلما كانت ألوانها أكثر، كانت علامة أحمد. واعلم أن خروج الدم من فوق يهول أكثر من إضراره، فإنه لم نشاهد أحدا مات بقئ الدم، ولهذا قال: هو علامة رديئة B ولم يقل: مهلكة، ولا علامة موت، ولا رديئة جدا.
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف دم، فخرج منه شئ شبيه بقطع اللحم، فتلك من علامات الموت.
[commentary]
पृष्ठ 191