المستعدات الغاسقة، وماء الحياة الساري. وجعلنا من الماء كل شيء حي. والماء الطهور الذي لا ينجسه شيء من الأرجاس الطبيعية والأنجاس الظلمانية والقذارات الإمكانية، وهو نور السموات والأرض. {الله نور السموات والأرض}(النور:35) ولها مقام الإلهية. {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} وهي الهيولى الأولى ومع السماء سماء ومع الأرض أرض، وهو مقام القيومية المطلقة على الأشياء.{ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها}(الرحمن:26). والنفس الرحمانية.{ونفخت فيه من روحي}(الحجر:29) والفيض المنبسط، والوجود المطلق، ومقام قاب قوسين، ومقام التدلي، والأفق الأعلى، والتجلي الساري، والنور المرشوش، والرق المنشور، والكلام المذكور، والكتاب المسطور، وكلمة كن الوجودي، ووجه الله الباقي. {كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}ا(لرحمن26،27). إلى غير ذلك من الألقاب والإشارات، عباراتنا شتى وحسنك واحد ونعم ماقيل:
ألا إن ثوبا خيط من نسج تسعة ......وعشرين حرفا من معاليه قاصر
نور مشرق
واعلم هداك الله إلى الطريق المستقيم وجعلك من المؤمنين والموقنين: أن المشيئة وإن كانت مقام ظهور حقيقة الوجود، وهي مشهودة لكل عين وبصيرة بل لكل مدرك من الإدراك، ولا مدرك وشهود إلا هي ولا ظهور إلا ظهورها، فهي مع ذلك محجوبة في ملابس التعينات مجهول كنهها مخفية حقيقتها، حتى أن ظهور الحقايق العلمية في مدارك العلماء بها وهي نفسها غير معلومة لهم ومنكشفة عندهم بحسب الحقيقة والكنه وإن كانت مشهودة بحسب الهوية والوجود ولم تكن مشهودة لكل أحد بإطلاقها وسريانها وبسطها وفيضانها، بل الشهود بقدر الوجود، والمعرفة بقدر مقام العارف.
فما لم يخرج السالك عن حب الشهوات الدنيوية وسجن الطبيعة الموحشة الهيولائية، ولم يطهر قلبه بماء الحياة من العلوم الروحانية، وكان لنفسه بقية من الأنانية لم يمكنه شهود جمال المحبوب بلا حجاب وعلى حد الإطلاق.
فالقاطنون في هذا المنزل الأدنى والدرك الأسفل والأرض السفلى والساكنون في هذه القرية الظالم أهلها والبلد الميت سكانها لا يتجلى لهم الحق إلا من وراء ألف حجاب من الظلمة والنور متراكمة بعضها فوق بعض. (فإن الله تعالى خلق ألف ألف عالم وألف ألف ***153]
पृष्ठ 131