جاء في الآثار: «إن القرآن يسرى به حتى لا يبقى في المصاحف منه حرف ولا في القلوب منه آية» «١».
وقد قال الله تعالى عن المخلوق: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا «٢» ومع هذا فكلمة المخلوق لا تفارق ذاته وتنتقل إلى غيره.
وما جاءت به الآثار عن النبيّ ﷺ والصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين كالحديث الذي رواه أحمد في مسنده وكتبه إلى المتوكل في رسالته التي أرسل بها إليه عن النبيّ ﷺ أنه قال: «ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه» «٣» يعني القرآن، وفي لفظ: «بأحب إليه مما خرج منه»، وقول أبي بكر الصديق لما سمع كلام مسيلمة: «إن هذا كلام لم يخرج من إل». أي من رب.
وقول ابن عباس لما سمع قائلا يقول لميت وضع في لحده: اللهم رب القرآن اغفر له، فالتفت إليه ابن عباس فقال: «مه. القرآن كلام الله ليس بمربوب منه خرج وإليه يعود»، هذا الكلام معروف عن ابن عباس.
وقول السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود كما استفاضت الآثار عنهم بذلك كما هو مذكور عنهم في الكتب المنقولة عنهم بالأسانيد المشهورة لا يدل على أن الكلام يفارق المتكلم وينتقل إلى غيره، ولكن هذا دليل على أن الله هو المتكلم بالقرآن.
_________
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه برقم (٤١٤٩) والحاكم في المستدرك (٤/ ٤٧٣ و٥٤٥) ونعيم بن حماد في الفتن (ق ١٧٣/ ١) من حديث حذيفة بن اليمان ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:
«يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله ﷿ في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس:
الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فنحن نقولها».
والحديث صححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٨٧).
(٢) سورة الكهف، الآية: ٥.
(٣) أخرجه الترمذي في سننه برقم (٢٩١١) وأحمد في المسند برقم (٢٢٣٠٦) والطبراني في معجمه الكبير برقم (٧٦٥٧) والخطيب في تاريخه (٧/ ٨٨) و(١٢/ ٢٢٠) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة برقم (١٧٨) من حديث أبي أمامة ﵁، ولفظه بتمامه: «ما أذن لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما، وإن البرّ ليذر فوق رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه» يعني القرآن.
والحديث ضعفه العلامة الألباني في الضعيفة برقم (١٩٥٧) وفي ضعيف سنن الترمذي برقم (٥٥٥).
1 / 33