والبرهان فغير محتاج إلى الصور أو إلى الأشياء الخارجة عن الكثرة ، بل هو محتاج فى وجوده إلى الطبيعة الكلية السارية فى الكثرة المحكوم بها عليها . فإنه إن لم يكن هاهنا طبيعة هذه صورتها ، لم يكن الكلى موجودا . فإذا لم يكن الكلى موجودا ، لم يكن الوسط موجودا . وإذا لم يكن موجودا ، لم يكن البرهان موجودا . فواجب ضرورة أن تكون هاهنا طبيعة سارية فى الكثرة ، تحمل على الكثرة بتواطؤ على طريق الاتفاق فى الاسم . » التفسير [٥٨ أ] لما عرض له - فى أثناء قوله فى الفرق بين الحدود والأصول الموضوعة والمصادرات - قول من زعم أن المهندس يستعمل نوعا من المقدمات كواذب ، وأبطل ذلك ، عاد إلى ذكر فرق آخر بين الحدود والمصادرات ، فقال : - من قبل أن المصادرات والأصل الموضوع ليس يخلو إما أن تكون كلية ، وإما جزئية . وأما الحدود فليست كذلك » - يريد أن الأصول الموضوعة والمصادرات ، من جهة ما هى أقاويل جازمة ، تنقسم إلى كلية ، وجزئية . وأما الحدود فليست تنقسم إلى كلية وجزئية ، إذ كان كل حد كليا . والنتيجة اللازمة عن هذا ، فى الشكل الثانى ، أن الأصول الموضوعة والمصادرات ليست حدودا . ولما كان هذا القول يوهم أن في المصادرات والأصول الموضوعة التي يستعملها صاحب البرهان ما ينقسم إلى كلى وجزئي ،وكان الجزئي ليس يستعمله صاحب البرهان ، أعنى المقدمة الجزئية ، أى الخاصية ، وكان يوهم فى هذا الموضوع أنه يجب أن تكون هاهنا صور خارجة عن الأمور الجزئية هى التى يقوم عليها البرهان ، أعنى مفارقه وأولية وإلا لم يكن البرهان ضروريا - أخذ يعرف ذلك فقال : « والبرهان فغير محتاج إلى الصور وإلى الأشياء الخارجة عن الكثرة ، بل هو محتاج فى وجوده إلى الطبيعة الكلية السارية فى الكثرة المحكوم بها عليها » - يريد : وليس يجب من هذا أن يكون البرهان يقوم على الجزئيات ، لكون البرهان ثابتا والجزئيات متغيرة أن هاهنا صورا للأشياء الجزئية مفارقة ، فإن البرهان غير محتاج إلى هذه الصور ، يشير بذلك إلى الصور التى يضعها أفلاطون . ولما كانت الصور التى يضعها مفارقة للمواد ، وجب أن تكون خارجة عن الكثرة الشخصية المحسوسة . مثال ذلك أن البرهان القائم على الإنسان أنه بصفة كذا ، ليس يقوم على الانسان الكلى المفارق ، إن كان هاهنا انسان بهذه الصفة ، ولا يحتاج فى معرفة كون الإنسان بهذه الصفة . إلى أن نقسمه على هذه الطبيعة الخارجة عن الأشخاص من الناس الذين أحسسناهم نحن ، إن كانت ها هنا طبيعة بهذه الصفة . وهذا هو الذى دل عليه بقوله : « أو إلى الأشياء الخارجة عن الكثرة » ، وهو هاهنا ليس يقصد إلى إبطال الصور الخارجة ، إذ كان ذلك من شأن العلم الإلهى . وإنما الذى يقصد أن يبين أنه ليس يحتاج فى البرهان إلى إدخال القول بالصور ، سواء كانت الصور موجودة ، أو لم تكن . وإنما يحتاج البرهان إلى وضع طبيعة واحدة سارية فى الأشخاص . فإن هذه الطبيعة إذا وضعت بهذه الصفة ، أمكن أن يقوم البرهان على الأشياء الجزئية ، لا من قبل ما هى جزئية ، بل من قبل الطبيعة المشتركة لها السارية فيها ، وإن لم نضع هذه [٥٨ ب ] الطبيعة مفارقة ، بل موجودة فى المحسوسات ، أعنى أن تكون غير منقسمة بالذات وواحدة ، وإن كانت منقسمة بالعرض . فإن هذا هو الفرق بين وضعنا هذه الطبيعة فى مادة ، وبين وضعنا إياها مفارقة . وهذا هو الذى أراد بقوله : « بل هو محتاج فى وجوده إلى الطبيعة الكلية السارية فى الكثرة » ، أى فى أشخاص المحكوم بها عليها ، أى المحكوم على الأشخاص بهذه الطبيعة ومن قبلها . وإنما كان هذا لازما ، لأن أفلاطون لا يسلم أن هاهنا طبيعة سارية فى الموجودات سوى الطبيعة المفارقة ، وأنها واحدة بالحد والاسم ، وذلك أيضا من الظاهر بنفسه ، أعنى أن هاهنا طبيعة سارية فى المحسوسات . فإذا تبين أن البرهان يكتفى فى وجوده بوجود هذه الطبيعة الموجودة فى المحسوسات ، فلا معنى لادخال طبيعة خارجة عن المحسوسات من قبل البرهان . ثم قال : « بل هو محتاج فى وجوده إلى الطبيعة الكلية السارية فى الكثرة » - يريد أن البرهان ليس يحتاج إلى طبيعة كلية مفارقة للمحسوسات ، وإنما يحتاج إلى طبيعة كلية سارية فى المحسوسات . وإنما كان ذلك واجبا لأن هذه الطبيعة تعرف جوهر المحسوسات ، والطبيعة الخارجة عن الشىء لا تعرف ذات الشىء . ثم قال : « فإنه إن لم تكن هاهنا طبيعة هذه صورتها لم يكن الكلى موجودا » - يريد : فإنه إن لم نضع فى الموجودات المحسوسة طبيعة مشتركة كلية بالقوة ، لم يكن الكلى موجودا . ثم قال : « وإذا لم يكن الكلى موجودا ، لم يكن الوسط موجودا » - يعنى الحد الأوسط ، إذ قد تبين أنه يجب أن يكون كليا . ثم قال : « وإذا لم يكن موجودا ، لم يكن البرهان موجودا » - يعنى أنه إذا لم نجد الأوسط فى البرهان ، لم نجد البرهان ، من قيل أن البرهان قياس ، والقياس إنما يكون بالحد الأوسط . ثم قال : « وواجب ضرورة أن تكون هاهنا طبيعة سارية فى الكثرة تحمل على الكثرة لا على طريق الاتفاق فى الاسم » - يريد أنه إن وضع أن البرهان موجود ، لزم عن وجوده أن يوجد الكلى . وإذا وضع أن الكلى موجود ، لزم أن تكون هذه الطبيعة موجودة . فإذن متى وضع أن البرهان موجود ، فهذه الطبيعة موجودة . لكن البرهان موجود . فهذه الطبيعة موجودة ؛ وهى النتيجة التى قصد من هذه المقاييس الشرطية . قال أرسطاطاليس : « فأما القضية القائلة أن جزئى النقيض لا يمكن أن يصدقا معا ، فإنا نأبى أن نضعها فى البراهين ،اللهم إلا أن تقودنا الحاجة فى بعض المطالب إلى أن نبين أن المحمول فيها موجود للموضوع وليس هو غير موجود له . وقد يبين لنا [٥٩ أ] المطلوب الذى هذه صفته عندما نقرن الاستثناء الذى فيه بالحد الأكبر فى القياس ، فنحكم على الحد الأوسط بأنه موجود ، وليس هو غير موجود له . فأما الأوسط فسواء عليك استثنيت فيه بهذا الاستثناء ، أم لم تستثن . وكذلك الثالث . والسبب فى ذلك هو أنا متى حكمنا ب « الإنسان » على موضوع ما ، بمنزلة قلياس ، وحكمنا ب « الحيوان » على ما هو إنسان ، وعلى ما هو لا إنسان ، نكون في حكمنا هذا صادقين . سوى أن هذا لا يعيننا فى إنتاج ما نحن بسبيله ، وهو أن : قلياس حيوان ، وليس هو لا حيوان . ولا أيضا إذا حكمنا على قلياس ، ولا قلياس بالإنسان وكان حكمنا صادقا يعيننا هذا فى إنتاج ما نحن بسبيله . والسبب فى ذلك : لما كان الحد الأكبر محمولا ، فهو يحكم به على الحد الأوسط ، وعلى غير الأوسط ، لأن المحمول على أكثر الأمر هو اعم من الموضوع ، سوى أن كون هذا الاستثناء فى الوسط غير نافع لنا فى إنتاج ما نحن بسبيله . » التفسير إنما قال فى هذه القضية إن المبرهن يأبى أن يضعها فى البراهين لظهورها . وقوله : « إلا أن تقودنا الحاجة فى بعض المطالب إلى أن نبين أن المحمول فيها موجود للموضوع وليس هو غير موجود له » - يريد : إلا فى المطالب التى يضطرنا الأمر فيها إلى أن نقتصر فى أن نبين فيها أن المحمول موجود للموضوع فقط ، بل وأن نبين مع هذا أن المحمول ليس بغير موجود له . ويشبه أن يكون هذا إنما يعرض فى المطالب التي تكون ضرورية وجود المحمول فيها للموضوع خفية . فإذا تبين مع وجوده فى الموضوع ، أنه ليس يمكن أن يتعرى الموضوع منه وقتا ما ، تبين أيضا أنه ضرورى للموضوع ودائما . ولما ذكر أحد المواضع التى يضطر صاحب البرهان أن يصرح فيها بهذه القضية مع بيانها ، عرف كيف يستعمل المبرهن هذه القضية والموضع الذى يستعملها فيه ، فقال : « وقد يبين لنا المطلوب الذى هذه صفته عندما نقرن الاستثناء الذى فيه بالحد الأكبر فى القياس ، فنحكم على الحد الأوسط أنه موجود وليس هو بغير موجود » - يريد : والمطلوب إنما ينتج لنا بهذا الشرط ، أعنى أن يكون موجودا فى الشىء وليس غير موجود له متى استعملنا هذا الاشتراط فى حمل الحد الأكبر على الأوسط ، أعنى أن يوجب الحد الأكبر له ويسلب سلبه عنه . مثال ذلك إذا أردنا أن ننتج أن كل إنسان حساس ، وأنه ليس بغير حساس ، بوسط هو : الحيوان [٥٩ ب ] فإنا نؤلف القياس هكذا : كل انسان حيوان وكل حيوان حساس وليس هو غير حساس فينتج لنا أن كل إنسان حساس وليس بغير حساس وإنتاج هذا ظاهر بنفسه ، وبما تقدم فى كتاب « القياس » . ولما ذكر الموضع الذى إذا اشترط فيه هذا المعنى ، لزم فى النتيجة - أخذ يذكر المواضع التى إذا اشترط فيها هذا المعنى لم ينتفع به فى النتيجة ، فقال : « فأما الأوسط ، فسواء عليك استثنيت فيه بهذا الاستثناء، أم لم تستثن ، وكذلك الثالث » - يريد أن هذا الاستثناء إذا زيد فى الموضوع الذى هو الحد الأوسط من جهة ما هو موضوع لا فى المحمول الذى هو الطرف الأكبر ، لم ينتفع به . وكذلك إذا اشترط فى الطرف الأصغر ، إذ كان موضوعا فقط . وذلك أن هذا الشرط لا يخلو أن يشترط في المقدمة الخارجة : إما فى المحمول ، وإما فى الموضوع . ولما كان القياس يأتلف من ثلاثة حدود : الأكبر منها محمول فقط ، والأصغر موضوع فقط والحد الأوسط محمول وموضوع معا : إما بالفعل فى الشكل الأول ، وإما بالقوة فى الأشكال الأخر ، وجب أن يكون هذا الاشتراط يقع فى القياس فى أربعة مواضع : فى الظرف الأكبر ، وفى الأصغر ، وفى الحد الأوسط من جهتين : من جهة ما هو محمول ومن جهة ما هو موضوع - فأخبر أرسطو أنه لا ينفع هذا الاشتراط فى أمثال هذه المطالب ، إلا إذا اشترط فى الحد الأكبر إذ كان محمولا فقط ، وأنه ليس ينفع فى الحد الأوسط من جهة ما هو موضوع ، ولا فى الأصغر إذ كان موضوعا فقط . وسكت عن اشتراطه فى الحد الأوسط من جهة ما هو محمول ، إذ كان أيضا بينا بنفسه أنه لا ينتفع به فى هذا الطلب . ولما أخبر أنه لا ينتفع بهذا الاشتراط فى الحد الأوسط ، ولا فى الأصغر ، أخذ يبين ذلك فقال : « والسبب فى ذلك أنا متى حكمنا بالإنسان على موضوع ما ، بمنزلة قلياس ، وحكمنا بالحيوان على ما هو إنسان ولا إنسان ، نكون فى حكمنا هذا صادقين « - يريد : والسبب فى أنه لا ينتفع بهذا الاشتراط فى الحد الأوسط من جهة ما هو موضوع ،أن كل محمول نحمله على موضوع ما ، وعلى سلبه ، ليس يلزم أن يقتسم هذا الحمل الصدق والكذب ، كما يعرض فى المحمول إذا حملناه على موضوع ما وحملنا سلبه عليه . مثال ذلك : إذا أردنا أن ننتج أن : زيدا حيوان وليس هو لا حيوان ، بوسط كونه : « إنسان » ، فقلنا : زيد انسان ، والانسان حيوان - لم يكذب لنا مع ذلك أن : ما ليس بإنسان حيوان » ، كما يكذب مع قولنا إن الانسان حيوان : أن « ما ليس بحيوان انسان » ، بل قد يصدق الأمران جميعا ، أعنى قولنا : « الانسان حيوان » و« لا انسان حيوان » . وإذا كان ذلك كذلك ، فلم نستعمل القضية القائلة إن النقيضين لا يجتمعان . ثم قال : « سوى أن هذا لا يعيننا فى إنتاج ما نحن بسبيله ، وهو أن قلياس حيوان وليس هو لا حيوان » - يريد : ومع هذا فإنه لا يعيننا هذا الاشتراط فى انتاج [٦٠ أ] ما أردنا إنتاجه وهو أن :قلياس حيوان وليس هو لا حيوان ، ولو لم يكن الحكمان صادقين . ثم قال : « ولا أيضا إذا حكمنا على قلياس ، ولا قلياس بالإنسان ، وكان حكمنا صادقا ، يعيننا هذا فى إنتاج ما نحن بسبيله » - : ولا إذا حكمنا أيضا بالحد الأوسط على الطرف الأصغر وعلى سلبه ، وكان الحكمان صادقين ، ينتفع به فى ذلك . ولما ذكر أن الموضوع إنما يفارق المحمول فى هذا ، من قبل أنه إذا اشترط هذا الشرط فى المحمول لم يصدق على الموضوع المتقابلان فيه ، أعنى المحمول وسلبه ، وصدق ذلك فى الموضوع ، أعنى حمل المحمول عليه وعلى نقيضه - أنى بالسبب فى ذلك ، أعنى مفارقة الموضوع فى هذا المعنى للمحمول ، فقال : « والسبب فى ذلك : لما كان الحد الأكبر محمولا ، فهو يحكم به على الأوسط وعلى غير الأوسط ، لأن المحمول على أكثر الأمر هو أعم من الموضوع » - يريد : والسبب فى أن فارق المحمول فى المعنى للموضوع أن المحمول يحمل على الموضوع وعلى ما سلب الموضوع عنه ، إذ كان المحمول فى أكثر الأمر اعم من الموضوع وأما الموضوع فليس يمكن أن يحمل عليه المحمول نفسه وسلبه ، لأن كل ما سلب عن المحمول ، يسلب عنه الموضوع ، لكون الموضوع من المحمول بمنزلة الجزء . وقوله : « سوى أن كون هذا الاستثناء فى الوسط نافع لنا فى انتاج ما نحن بسبيله » - يريد وإن لم يصدق حمل المحمول على الموضوع مع حمله على سلبه ، وذلك يكون فى الموجبات المنعكسة ، وهى التى تكون المحمولات فيها خواص وحدودا . قال أرسطاطاليس : « وأيضا القضية القائلة إن على كل شىء يصدق أحد جزئى المناقضة قد يستعملها البرهان السائق إلى المحال . وليس استعماله لها على طريق العموم ، لكن بأن يدنيها إلى مادة مادة يروم البرهان عليها ، كما سلف من القول . » التفسير لما أخبر بأحد الأماكن التى نستعمل فيها القضية القائلة إن المتناقضين لا يجتمعان معا ، ذكر الموضع الثانى وهو استعمالها فى بيان الخلف . ولما كانت هذه القضية من القضايا العامة ، وكان قد وضع أن الصنائع إنما تستعمل القضايا الخاصة ، ذكر أن استعماله أيضا هذه القضايا العامة إنما يكون على الوجه الذى يكون من قبله قوتها الخاصة ، فقال : « وليس استعماله لها على طريق العموم ، لكن بأن يدنيها إلى مادة مادة يروم البرهان عليها » - يريد : لكن بأن يدنيها إلى مادة مادة من المواد التى يروم البرهان عليها ، أى من المادة التى تخص صناعته . وذلك مثل ما قال فى المقدمات المشتركة [ ٦٠ ب ] لأكثر من صناعة واحدة ، مثل المقدمة القائلة أن الأشياء المساوية لشيء واحد هى متساوية . لكن الفرق بين هذا الجنس والجنس الأول أن هذه تخص صناعة من الصنائع ، أعنى القائلة إن المتقابلين لا يجتمعان ، وهى صناعة المنطق . وهذا الجنس الآخر من المقدمات ليس يخص صناعة . ولذلك كان هذا يقال باشتراك الاسم المحض ، ولم يكن الآخر كذلك . والسبب فى ذلك أن الأول لا يختص بصناعة وهذا يختص بصناعة ، وذلك أن العامة منها ما يختص بالصناعة العامة ، ومنها مالا يختص بصناعة أصلا - وفى هذه وقع الشك المتقدم . قال أرسطاطاليس : « فأما القضايا العامة فقد يتوخى فيها جميع العلوم . وأعنى بالقضايا العامة : الأشياء التى بها تتبين المحمولات أنها للموضوعات ، لا المحمولات أنفسها ولا الموضوعات . وصناعة الجدل فقد تتكلف بيان سائرها ، وليست وحدها تروم ذلك ، بل والعلم المدعو بالحكمة . » التفسير يعنى بجميع العلوم : جميع الصنائع البرهانية . وقوله : « وأعنى بالقضايا العامية الأشياء التى بها تبين المحمولات أنها للموضوعات ، لا المحمولات أنفسها ولا الموضوعات » - يريد بذلك الأمور المنطقية وهى الصادقة العامة ؛ وذلك أن المعارف المنطقية بها يتبين أن المحمول موجود للموضوع ، أو غير موجود له . وأما المعارف الغير منطقية فبها يتبين ما هو المحمول بنفسه ، وما هو الموضوع . ولما كانت صناعة الجدل وصناعة الحكمة الأولى قد تنظر فى مبادىء صناعة المنطق وتحل المغالطات الواردة فيها ، قال : « وصناعة الجدل فقد تتكلف بيان سائرها ، وليست وحدها تروم ذلك ، بل والعلم المدعو بالحكمة » . ولما كان نظرهما فيها وفى سائر الأمور العامة مختلفا ، أخذ يخبر بوجه اختلافهما . قال أرسطاطاليس : « فأما صناعة الجدل فليس قصدها نحو أمر مخصوص ، ولا لها أيضا موضوع . وإلا فما بالها تتعرض بأن نقتضب مقدمات من السؤال ، تتصيدها من المسئول ! والمبرهن فليس هكذا صورته ، إذ كان ليس يستعمل طرفى مناقضته فى تبيين مطالبه ، لأن مطلوبه الذى يرون تبيينه واحد . وهذا أمر قد شرح فى « القياس » .
١٢ - <السؤال العلمى>
पृष्ठ 328