فإن قلت: يد، ودم على حرفين، ونراه معربًا. قلت لأنه موضوع في الأصل على ثلاثة أحرف، والأصل فيهما يدي، ودمي، بدليل قولهم؛ الأيدي، والدماء، واليديان، والدميان، فما لم يكن موضوعًا في الأصل على حرفين لم يكن قريب الشبه من الحرف، فلم يعتبر.
وأما بناء الاسم لشبهه بالحرف في المعنى، فإذا تضمن الاسم معنى من معاني الحروف تضمنًا لازمًا للفظ أو المحل، غير معارض بما يقتضي الإعراب، يبني كـ (متى وهنا) وكالمنادى المفرد المعرفة، نحو: يا زيد.
أما (متى وهنا) فهما اسمان لدخول حرف الجر عليهما، نحو: إلى متى تقيم؟ ومن هنا تسير، وهما مبنيان لشبههما بالحرف في المعنى، للزوم (متى) تضمن معنى همزة الاستفهام ولزوم (هنا) تضمن معنى الإشارة، فإنه معنى من معاني الحروف، وإن لم يوضع له لفظ يدل عليه، ولكنه كالخطاب والتنبيه، فمن حق اللفظ المتضمن معنى الإشارة أن يبني، كما يبني سائر ما تضمن معنى الحرف، فلما لازمت (متى وهنا) تضمن معنى الحرف بلا معارض تعين بناؤهما.
وأما المنادى المفرد المعرفة نحو: (يا زيد)، فهو مبني للزوم محله تضمن معنى الخطاب، فإن كل منادى مخاطب غير مظهر معه حرف الخطاب، فلما لازم محله تضمن معنى الحرف؛ بلا معارض؛ بني ولو لم يكن تضمن الاسم لمعنى الحرف لازمًا للفظ، أو المحل، الذي وقع فيه لم يؤثر، كما في نحو: سرت يومًا وفرسخًا، فإن يومًا وفرسخًا مما يستعمل ظرفًا تارةً، وغير ظرف أخرى، ولو عارض شبه الحرف ما يقتضي الإعراب
[٨] // استصحب، لأنه الأصل في الاسم، وذلك نحو (أي) في الاستفهام نحو: أيهم رأيت؟ وفي الشرط، نحو: أيهم تضرب أضرب، فإنها بالنظر إلى تضمنها معنى الحرف تستحق البناء، لكن عارض لزوم الإضافة إلى الاسم المفرد، التي هي من خواص الأسماء، فأعربت.
وأما بناء الاسم لشبهه بالحرف في الاستعمال، فإذا لازم طريقة هي للحرف، كأسماء الأفعال، والأسماء الموصولة.
أما أسماء الأفعال نحو: (صه، ومه، ودراك، وهيهات) فإنها مبنية لشبهها بالحرف في الاستعمال.
1 / 13