السالك فى الله العارف بالله المأذون من الله، كان ينبوع الخير والكرامة ومعدن الزهد والولاية ذا قدم ثابت فى الطريقة ومرتبة عالية فى الحقيقة قد ادرك المشايخ (ورق 41 ب) واستفاد منهم، وروى عنه انه قال اشتغلت فى عنفوان شبابى بالوعظ فذكرت الناس فى الجامع المسعودي اثنى عشر يوما من رمضان فحضر الشيخ ظهير الدين عبد الرحمن «4» مجلسى فلما نزلت عن المنبر قال ان لى معك سرا فأتنى بخلوة اكلمك به فمضيت بعد ذاك اليه فقال يا بنى ان فتح بابك لا يحصل من الوعظ والتذكير وانما حوالتك الى الفقر والزنبيل فقلت سمعا وطاعة فأعطانى الزنبيل وامرنى بأدارته فى الأسواق وتحصيل فتوحات الفقراء للارتفاق «1» فمضى على ذلك ثمانى سنين ونفر عنى جميع المريدين فوقفت يوما فى حر النهار «2» على بعض التجار فنظر الى نظر الكاشح الحاقد ثم نبذ الى بدرهم واحد فأخذت ما اعطانى فلما مضيت قليلا نادانى فقال انى قد غلطت فى ذاك فاردده الى فرددته فأعطانى فلسا واحدا فأخذته بطيب قلبى وما وجدت فى نفسى تغيرا عن ذاك، فلما وصلت الى خدمة الشيخ قال لى انه قد تم امرك وارتاضت نفسك (ورق 42) فاجلس لدعوة الخلق الى الله ثم البسنى الخرقة ولقننى الذكر واعطانى المقراض ووصانى بارشاد المريدين، فجعل الله جنابه مقصدا للطالبين واشرقت انواره على كثير من العارفين، وله اصحاب يهتدون بهديه «3» ويقتدون بطريقه، توفى فى ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ودفن فى بقعته العامرة خلف تربة ابيه «4» وكتب على مرقدهما وهو لوالده رحمة الله عليهما:
تطاير روحي عن مطية قالبي ... الى العالم العلوي شوقا الى ربى
पृष्ठ 74