... فقد بلغنا عن ثغر الإسكندرية (¬1) المحروس ، وقاه الله من السوء والبؤس ، أنه قد ظهر به عالم يفتي بإباحة سماع الغناء بالآلات ذوات الأوتار ، وأنه نسب ذلك لمذاهب الأئمة ، وبعض الصحابة ، وعلماء الأمصار ، وأنه شنع على من أنكر ذلك ، وقال بالتحريم ، فقلنا : سبحان الله هذا بهتان عظيم ، وكذبنا الناقل واتهمناه ، وأعرضنا عن حديثه وطرحناه ؛ لكونه ذكر رجلا كنا نظن فيه العلم والعقل والدين ، وما كنا نتهمه بشيء من مجون الجهلة والمجانين ، إلى أن وصلت إلينا فتيا بخطه ، وهو عندنا معروف ، فتحققنا أن النقل كان على الصحة بمقتضى الخط والحروف ، وجعلت أقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وربك يصلح ما تكن صدورهم ، وما يعلنون ، وأخذت أتأملها سطرا سطرا ، وأقدم في شأنها رجلا وأؤخر أخرى ، ثم انقدح في نفسي أن الكتب في شأنها مطلوب ، وأنه إن لم يكن واجبا فهو مندوب ، لأن الأمر وإن كان أظهر من أن يخفى على العالم الكامل ، لكن لفساد الوقت ، وزخرفة القول ، قد يخفى على القاصر والجاهل ، لكني أقتصر من ذلك على مذهبي الذي أشتغل بحفظه ونقله ، وغير مذهبي يسأل عنه من أهله ، فأقول ، وبالله أستعين :
पृष्ठ 2