وابن أبي سرح لما جاء لم يكن غضب النبي ﷺ زال، فلما استحيا من عثمان زال الغضب، وكذلك ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وإن لم يرق دمه لما حضر إليه مسلمًا أقام مدة حتى رضي عنه.
فلا مانع من أن يرتب الله على غضب رسوله عقوبة قتلًا أو غيره، والغضب والرضا أمران باطنان لا يطلع عليهما إلا هو، والمعلوم من أحوال النبي ﷺ وأخلاقه أنه إذا استرضى رضي، فالساب بعد موته إذا رجع إلى الإسلام لا يتحقق غضب النبي ﷺ عليه، فكيف يقتل؟! وسنعود إلى الكلام على ابن أبي سرح.
فإن قلت: حديث: "من سب نبيًا فاقتلوه" يكفي في ذلك.
قلت: إن صح فهو مثل: "من بدل دينه فاقتلوه"، ولم يلزم من ذلك أن لا تقبل توبة المرتد، فكذلك هذا، وقد ارتد الحارث بن سويد ثم تاب، وقبل النبي ﷺ/ توبته، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: (كيف يهدي الله قومًا ..) الآية [آل عمران: ٨٦].
فإن قلت: هل من شيء زائد على هذا؟
قلت: نعم، قال تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا بك خيرًا لهم) [التوبة: ٧٤].
1 / 183