[124] وعن الوليد ، قال : وأخبرني عبد الرحمن بن جابر ، قال : فحدثني من سمع البطال يخبر مالك بن شبيب يعني أمير مقدمة الجيش الذي قتل فيه ، عن خبر بطريق أقرن - صهر البطال - : أن ليون طاغية الروم قد أقبل في نحو مائة ألف ، فذكر الحديث فى إشارة البطال عليه باللحاق ببعض مدن الروم المقفلة المخربة ، والتحصن به حتى يلحقهم الأمير سليمان بن هشام ، وعصيان مالك بن شبيب البطال في رأيه هذا ، قال : ولقيناه يعني ليون ، فقاتل مالك ومن معه حتى قتل في جماعة من المسلمين ، والبطال عصمة لمن بقي من الناس ، ووال عليهم ، قد أمرهم أن لا يعصوه ، فلا يذكروا له اسما ، فتجمعوا عليه ، فشد عليهم حتى حمل حملة من ذلك ، فذكر بعض من كان معه اسمه ؛ وناداه ، فشدت عليه فرسان الروم حتى شالته برماحها عن سرجه ، وألقته إلى الأرض ، وأقبلت تشد على بقية الناس ، والناس معتصمون بسيوفهم ، حتى كان مع اصفرار الشمس . قال الوليد : قال غير ابن جابر : وليون طاغية الروم قد نزل عن دابته ، وضرب له مفازة ، وأمر برهبته وأساقفته فحضروا ، فرفع يده ، ورفعوا أيديهم ؛ يستنصرون على المسلمين ، وزاد أمر قلتهم ، وقلة من بقي ، فقال : ناد ياغلام برفع السيف ، وترك بقية القوم لله ، وانصرفوا بنا إلى معسكرنا ، والقوم في بلادنا ، نغاديهم ، ففعل ، قال ابن جابر : وانصرف إلى معسكره ، وبات ، وأمر البطال مناديا فنادى أيها الناس عليكم بسنادة ، فادخلوها ، وتحصنوا فيها ، وأمر البطال رجلا على مقدمتهم ، وآخر على ساقتهم ، لا يخلف جريحا ، ولا ضعيفا فيما قدر عليه ، وثبت في مكانه ، وثبت معه قريب له في ناس من مواليه ، وأمر من يسير في أوائلهم من يقول : أيها الناس الحقوا ، فإن البطال يسير بأخراكم ، وأمر من يقول في أخراهم أيها الناس الحقوا فإن البطال في أولاكم ، يهديكم الطريق ويهيء منزلكم بسنادة ، فمضى الناس فلم يصبحوا إلا وقد دخلوا سنادة ، وافتقدوا البطال، فأجمع رأيهم على تحصينها والقتال عليها . قال : وأصبح البطال في مكانه في المعركة ، به رمق ، فلما كان من الغد ركب ليون بجيشه حتى أتى المعركة فوجدهم قد دخلوا سنادة إلا البطال ومن بقي معه ، فأخبر به ، فأتاه حتى وقف عليه ، فقال : أبا يحيى ، كيف رأيت ؟ قال : ما رأيت ، كذلك الأبطال ، تقتل ، وتقتل ، قال ليون : على بالأطباء ، فأتي بهم ، فأمرهم بالنظر في جراحه ،فأخبروه أنها قد أنفذت مقاتله ، فقال : هل من حاجة ؟ قال : نعم ، تأمر من ثبت معي ، ومن في أيديكم من أسارى المسلمين بولايتي وكفني والصلاة علي ودفني ، وتخلي سبيل من ثبت عندي ، ففعل ذلك ، وقصد إلى الناس بسنادة ، فحاصرهم ، فبينما هم على ذلك إذ أشرف من سند أو شيء مشرف على فرسه في رجال على خيول الطلائع ، وهو يقول ، أيها الناس ، أنا ثابت البهراني رسول الأمير سليمان بن هشام ، يخبر سرعة سيره إليكم ، وهو آتيكم أحد اليومين ، فسر ذلك المسلمين، وأصبح ليون سائرا بعسكره ، قافلا إلى القسطنطينية حتى دخلها ، وأقبل سليمان بمن معه حتى نزل بسنادة ، وأصلح إلى من كان بها حتى رحل عنها .
وقال الشاعر :
ألم يبلغك من أنباء جيش
بأقرن غودروا جثثا رماما
غدوا من عندنا بصريم أمر
يجوبون المهاوي والظلاما
تقودهم حتوف لم يطيقوا
لها دفعا هناك ولا خصاما
ولاقتهم زحوف الروم تهدي
بجرار الضحى بعض الأكاما
كأن جموعهم لما تلاقوا
ركام رائح يتلو ركاما
تلألأ بعضهم لما أتوهم
مع الإشراق قد لبسوا اللأما
فكان لهم به يوم عصيب
أثار السابحات به القتاما
معارك لم تقم فيها بشجو
نوائح يلتزمن به التزاما
نأت عن مالك فيه بواكي
ثواكل قد شجين به اهتماما
ولم تهمل على البطال عين
هناك بعبرة تشفي الهياما
عشية باشر الأهوال صبرا
بخيل تخرق الجيش اللهاما
يكر عليهم بالخيل طعنا
وضربا بقتل البطل الهماما
إذا ما خيله حملت عليهم
पृष्ठ 78