73

وهو يحب ربة البيت التي تكون أول خادمة فيه لأنها سيدته الوحيدة، ويحتقر المرأة التي تأنف من تلويث يديها في مطبخها كما يحتقر الرجل الذي يأنف من تلويث يديه في حقله أو حديقة داره.

وهو يحب المرأة التي تستطيع أن تكون «إنسانا» في بعض الأوقات بمعزل عن الأنوثة والذكورة، فلا تكون الأنوثة الحيوانية هي كل وظيفتها في الحياة.

ولقد تجلى له كل أولئك من سارة في أقل من ساعة، يوم جاءته في أول زيارة.

جاءته في زينة تلفت العين إلى كل مزية في جسدها، ولا تلفت النظر إلى عيب في نفسها.

ولم يكد يستقر بها المجلس حتى نهضت إلى أثاث الحجرة تضعه في مواضعه التي تهواها، وإلى جوانب البيت تعيد تنظيمه على النحو الذي تود أن تراه، وإلى المطبخ تجول فيه بنظرة فاحصة تدرك لأول وهلة كيف طهيت كل صفحة، وكيف أعدت كل طبخة، وكيف لوحظت النظافة في التحضير والغسل والتجفيف.

وحان وقت المائدة فقدم لها «الديك» قائلا: هذا اعتراف بفضل الديك في تعارفنا، وتمهيد محادثتنا الأولى.

فما أسرع ما قالها حتى بادرته متهافتة: لا أحب يا صاحبي أن تعرف لي فضلا على هذه الطريقة!

فطرب للنكتة ووجم في وقت واحد، ولو كان يتوقع عند فتاة صغيرة هذه الفكاهة الماضية لاحترس بعض الاحتراس، ولكنها فاجأته بها فوجم ولم يسعه إلا أن ينقذ نفسه وهو يردد في شيء من التلعثم: إن كنت لا تأبين أن أمزجك بدمي ولحمي وأن أجعلك جزءا مني فالطريقة لا تهم، وأنت أكلة شهية تطيب لي بغير حاجة إلى السكاكين والقدور!

وكان حديثها على المائدة - وقد استغرقت ساعتين - على هذه الوتيرة من أمتع وأفكه ما تكون أحاديث الموائد.

لاحظت أنه لا يأكل من صدر الديك ويقصر اختياره على الجناحين والوركين، فقالت: كان من حقنا أن نتزوج، فنحن زوجان طبيعيان، أنت لا تأكل الصدر وأنا لا آكل غيره، فلا يشجر بيننا نزاع.

अज्ञात पृष्ठ