فهز سارودين كتفيه كمن هو في شك فقال سانين متهللا: «هاذا أنت قد عجزت! إنك أنت خير الأخيار وكذلك أنا. ومع ذلك فإنا نحن الاثنين لا نرى ما يمنعنا أن نسرق أو ننسج الأكاذيب أو أن نزني - وعلى الخصوص أن نزني.»
فتمتم سارودين وهو يهز كتفيه للمرة الثانية: «يا له من رأي مبتكر.»
فسأله سانين وعلى نبرة صوته ظل خفيف من عدم الارتياح: «أتظن ذلك؟ إني لا أظنه! نعم. الأنذال كما قلت هم أشد من يتصورهم العقل إخلاصا لأنهم لا يرون حدود الدناءة الإنسانية، ويسرني دائما على الخصوص أن أصافح نذلا.»
ولم يكد يقولها حتى وضع يده في يد سارودين وهزها هزا عنيفا وعينه محملقة في وجهه ثم قطب وقال بإيجاز فيه من سوء الأدب ما فيه: «عم مساء.» وانصرف عنه.
وظل سارودين برهة وهو جامد يرقبه ولا يدري على أي محمل يحمل مثل هذا الكلام من سانين، فحار وقلق ثم فكر في ليدا وابتسم: إن سانين أخوها وما قاله صحيح في الواقع. وأخذ يحس نوعا من العلاقة الأخوية به، وقال لنفسه وقد استشعر الرضى عنها: «إنه لرجل ممتع!» كأنما سانين بعض ما يملك. ثم فتح البوابة واجتاز الفضاء المقمر إلى غرفته.
أما سانين فإنه لما بلغ البيت خلع ثيابه واستلقى على فراشه وحاول أن يقرأ «هكذا قال زردشت»
1
وهو كتاب وجده في مكتبة ليدا، ولكن الصفحات الأولى كانت كافية لتزهيده فيه، وهو رجل لا يحرك نفسه مثل هذا الأسلوب المنتفح فبصق ورمى بالكتاب جانبا وما عتم أنه أخذه النوم.
هوامش
الفصل الرابع
अज्ञात पृष्ठ