وكذلك لم يفسح في تأخيرها عن وقتها للمريض، بل أمره أن يصلي على جنبه بغير قيام ولا ركوع ولا سجود إذا عجز عن ذلك، ولو كانت تقبل منه وتصح في غير وقتها لجاز تأخيرها إلى زمن الصحة، فأخبرونا أي كتاب أو سنة أو أثر عن صاحب نطق بأن من أخر الصلاة وفوتها عن وقتها الذي أمر الله بإيقاعها فيه عمدا يقبلها الله منه بعد خروج وقتها، وتصح منه وتبرأ ذمته منها ويثاب عليها ثواب من أدى فريضته. هذا والله ما لا سبيل لكم إليه البتة حتى تقوم الساعة، ونحن نوجد لكم عن أصحاب رسول الله ﷺ من قال مثل ما قلناه وخلاف قولكم.
فصل
في قول أبي بكر الصديق الذي لم يعلم أن أحدا من الصحابة أنكره عليه، قال عبد الله بن المبارك: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن زيد أن أبا بكر قال لعمر بن الخطاب: إني موصيك بوصية إن حفظتها إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل وحقا بالليل لا يقبله بالنهار، وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة وإنما ثقلت: موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف، وإن الله ﷿ ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم خفت ألا أكون منهم وذكر أهل النار وأعمالهم فإذا ذكرتهم قلت: أخشى أن أكون منهم وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغبا راهبا فلا يتمنى على الحق ولا يلقى بيده إلى التهلكة فإن حفظت قولي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ولا بد لك منه، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ولن تعجزه.
وقال هناد بن السري: حدثنا عبده عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي، قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة فذكره. قالوا: فهذا أبو بكر قال: إن الله لا يقبل عمل النهار بالليل ولا عمل الليل بالنهار ومن يخالفنا بهذه المسألة يقولون بخلاف
1 / 75