قالت: «بماذا؟»
فالتفت الجليس إلى العاضد وقال: «هل أقول يا مولاي؟»
قال: «قل بماذا يريد أن يتشرف؟ أظنني علمت مراده؛ لأنه طالما لمح إلى ذلك في حديثه معي، والحق يقال إنه كفؤ لما يطلبه ...»
وتنحنح، ثم حول وجهه نحو سيدة الملك.
فأدركت ما يعنيه. وكان قد ذكر لها مرة قبل هذه رغبة أبي الحسن في الزواج بها فرفضت. فلما سمعته يشير إلى ذلك تجاهلت وقالت: «لا أفهم مرادك. ماذا تعني؟» قال: «أظنك فهمت ما أعنيه.» والتفت إلى الجليس وقال: «ما هو رأيك في هذا الأمر يا عماه؟ إني لا أرى أكفأ من أبي الحسن لأختي.»
فاعتدل الجليس في مقعده وقال: «لا ريب أنه خير كفء لما يتصل به من النسب الشريف، فضلا عن تعقله ودهائه. ويكفي ما رأيناه من تفانيه في مصلحة مولاي لإنقاذه من هؤلاء القوم. والذي أراه أن نوافقه على هذا الطلب، فيهون عليه السكوت عن الشرط الآخر؛ أعني إذا كان جواب مولاي من حيث خطبة مولاتي له بالإيجاب لا أظنه يشدد في طلب الشرط بولاية العهد، بل يكتفي بهذا؛ لأنه شديد الاحترام لسيدة الملك، ويعد حصوله عليها منة كبرى. وعند ذلك يكون هو عونا لنا فيما نريد بلا شرط.»
فلما سمعت سيدة الملك ذلك التصريح قالت وهي تتصنع خفض صوتها: «هو يطلب أن يتزوجني وأنت تستحسن ذلك؟ وأحب أن أعرف رأي أخي أمير المؤمنين أيضا.»
فظنها تعني ما تقوله حقيقة وهو يريد أن تقبل طمعا في النجاة من صلاح الدين فقال: «وهذا هو رأيي أيضا كما تعلمين من قبل.»
فأجابت ببرود: «لكنه ليس رأيي أنا.» وحولت وجهها عنه.
فقال العاضد: «يظهر أنك ما زلت على خطتك. إن أبا الحسن ليس في أهلنا جميعا من هو أكفأ منه لك، هذا إلى تفانيه في خدمتنا.»
अज्ञात पृष्ठ