فوجه هذا كلامه إلى عماد الدين قائلا: «وأنت يا عبد الجبار، أرجو أن تصدقنا ولا تفعل كما فعل ذلك الكردي، أنت كردي أيضا لكنني أقرأ في وجهك الصدق. أنت تطلب الانضمام إلى رجالنا؟» قال: «نعم يا سيدي.»
قال: «وهل تعلم ما أنت مقدم عليه من الأمر العظيم؟» قال: «نعم.»
قال: «لا تخدع نفسك إذا كنت مترددا أو خائفا ارجع من حيث أتيت. ونحن إنما نطلب رجالا أهل بسالة وصدق. وهل تعرف الخطر الذي يحدق بك؟»
قال: «نعم.»
فتنحنح وقال: «وما الذي حملك على هذا الأمر؟» قال: «أن أتشرف بخدمة مولانا الشيخ الأعظم.»
قال: «من أين أتيت؟» قال: «من بيت المقدس.» وخاف أن يسأله عن حقيقة غرضه فيكشف أمره ويقع في خطر الموت. فارتعدت فرائصه لكنه تجلد وصبر.
فقال له راشد الدين: «أنا أعلم أنك قادم من بيت المقدس الآن، ولكنني أحب أن تخبرني عن المكان الذي جئت منه قبل بيت المقدس.»
فتحير في الجواب وسكت وهو يفكر في هل يصدقه أم لا. وخاف أن تكون كرامة راشد الدين دلته على حقيقة غرضه الذي جاء من أجله فتلعثم لسانه. فلم يصبر راشد الدين عليه فقال: «يظهر أنك خائف. لا تخف يا بني. إنك شاب شهم ولست من طبقة أولئك الزعانف الجهلاء. أنا لا أكلفك أن تقول شيئا، وإنما أستفهم شعرة من شعرك وهي تنبئني.» وأشار إلى عبد الرحيم أن يأتيه بشعرة من ذؤابة عماد الدين فجاءه بها فتناولها بين السبابة والإبهام وجعل يخاطب الشعرة قائلا: «يا شعرة عبد الجبار، قولي لي أين كان صاحبك قبل بيت المقدس؟»
فسمع عماد الدين الجواب آتيا من ناحية الشعرة ضعيفا كأنه صادر عن وتر رنان وهو: «من القاهرة!»
فقال: «قولي لي أين كان صاحبك هناك ومن هو؟»
अज्ञात पृष्ठ