وبقي في الحلة قاطنا , حتى ذهبت الرسل إلى الدولة العلية , من كل ناحية , وبلغت السلطان جميل آثاره , وحميد أخباره , فاختاره واليا على بغداد (4) , وفي هذا المعنى يقول شاعره المتقدم: [من السريع] مذ بلغ الخنكار (1) أخباره ... ولاه للرأفة بغدانا
حيث رآه باسلا فاتكا ... يردي العدا فرسا وعربانا
ذا نجدة غوث صريخ أخا ... الجودة حسانا وحسانا
بعد العنى نال لذيذ العلا ... واغتنم الراحة تعبانا
فسار متوجها إلى بغداد , وتباشرت بقدومه الضعفاء من الأرامل والأيتام , لما يعلمونه من عظيم الرأفة , وشفقته على الخاص والعام , ودخلها وقد لبست لقدومه أثواب الأفراح , بعد أن كانت في زي محدة وزال عنها نكد الأتراح , وقد كانت قبل في أنكاد متعددة [29ظ] وصارت بالسرور والهنا , محفوفة من هنا وهنا , وفرح أهلها , مذ جاء بعلها ,وزينت لقدومه الأسواق , وقام عندليب الأفراح يغرد على ساق , وسار بأهلها سيرة الشيخين: أحمد والحسن , ونفى عنهم كل غين بخلقه المستحسن , وشمل بلطفه جميع من فيها , وعم إحسانه في ظاهرها وخافيها , وجدد أساس العدل والإنصاف , وهدم قواعد الجور والإعتساف , ونام أهلها بأيامه رغدا , حيث امنوا من جميع الجهات نكدا.
पृष्ठ 146