قال الأبيات بحضرة المأمون (4) , فأعطاه لذلك خمسين ألف دينار (5). قال بعض العلماء (6): ما فهم المأمون من البيت الأخير إلا ما فسره رسول الله -صلى الله عليه وسلم - [في تمام حديثه المتقدم (7) , وأما الجبن فأمر مذموم , قال - صلى الله عليه وسلم -]: (لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه , فاثبتوا - وفي رواية فاصبروا - واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) (8) , وفي كتاب أبي بكر (- رضي الله عنه -) إلى خالد (- رضي الله عنه -): (احرص على الموت توهب لك الحياة) (9) , وقال عمر - رضي الله عنه -: (الجرأة والجبن غرائز يضعهما الله حيث شاء , فالجبان يفر عن أهله وولده , والجريء [22و] يقاتل عمن لا يؤبه به) (1).ووقع في أبي فراس الحارث ابن حمدان نصل سهم أقام في بدنه ثلاثين شهرا حتى خرج, فقال شعرا: (2) [من الطويل]
فلا تصفن الحرب عندي فإنها ... طعامي مذ بعت الصبا وشرابي
وقد عرفت وقع المسامير مهجتي وشقق عن زرق النصول إهابي
ولججت في حلو الزمان ومره ... فأنفقت من عمري بغير حساب
وقال أيضا (3): [من المديد]
وليس الفتى من حير الخطب صبره ... ولكنه من حار في صبره الخطب
استطراد:
نقل أصحاب التواريخ أنه كان ملوك يلقبون بالخمارين , واشتهر عنهم أنه من دخل سجنهم الغالب عليه أنه لا ينجو من القتل , فاتفق أن وزيرا من وزرائهم كان مسجونا , فأتي برجل عليه دين لبعض ,فرأى الوزير محبوسا , مطوقا بالحديد من يديه ورجليه لا يستطيع إمساك شيء , وفي خدمته غلام له يأتيه بقدح الشراب , فيشرب ويغني , فهو في لهو وطرب , فتعجب الرجل , وبقي متفكرا في أمر الوزير [22ظ] وما هذا اللهو في مثل هذا المكان , وعلى هذه الحالة التي رآه عليها؟!
فعند ذلك التفت الوزير إليه , وقال: يا رجل مالي أراك متفكرا؟
पृष्ठ 133