هكذا هو الرجل الأبيض .. كنتم جميعا أطفالا صغارا عندما رأيت بنفسي ما فعله الرجل الأبيض في «آبام»، وربما لهذا أكرر بأنه لا مفر. وكما أن النهار يعقب الظلام فإن الرجل الأبيض سوف يقضي على عاداتنا .. إنني متأكد مما أقوله لكم الآن، وسوف ترون؛ فهو يملك قوة مصدرها إله حقيقي، قوة تحرق مثل النار. إنه الإله الذي نجتمع عنده في اليوم الثامن من كل أسبوع.
صاح خصوم «أوناشوكو» قائلين: هذا الاجتماع خاص بمجموعتنا، ولسنا في حاجة لأن تخبرنا بتلك الحماقة، التي تدعوها دينهم الجديد.
ارتفع أحد الأصوات قائلا: نحن نتحدث عن طريق الرجل الأبيض. - نعم، نتحدث عن الطريق الذي يمهده الرجل الأبيض، لكن سقوط أرضية وحوائط منزل ما يتبعها بالضرورة سقوط السقف .. الرجل الأبيض، الدين الجديد، الجنود، الطريق الجديد، كل ذلك يعد جزءا من نفس الشيء .. إن الرجل الأبيض يملك بندقية وفأسا وقوسا، ويحمل النار في فمه، ولن يحارب بسلاح واحد.
قال «ويك أوكباكا»: ثمة شيء مهم .. لقد نسي أولئك الراغبون في ذهاب «أوناشوكو» أن لا أحد غيره يفهم لغة الرجل الأبيض؛ ولذلك يجب أن ننصت إليه بانتباه .. ماذا سيفعل الكبار إذا أخبرناهم بأننا لن نعمل في طريق الرجل الأبيض؟ هل سيحملون فئوسهم ويخرجون للعمل بينما نحن جالسون في البيوت؟ أعرف أننا نكره الرجل الأبيض ونريد محاربته، لكن الرجل الأحمق فقط هو الذي يذهب لمنازلة النمر بيد عارية. إن الرجل الأبيض مثل الشوربة الساخنة التي يجب تناولها ببطء من حافة الطاسة .. إن «أوموارو» كانت هنا من قبل مجيء الرجل الأبيض من أرضه لكي يطلب أرضنا، كما أننا لم نتوسل إليه ليأتي في زيارتنا، بالإضافة إلى أنه ليس أحد أقربائنا أو هو نسيب لنا، نحن لم نسرق منه الماعز أو الدجاج، ولم نغتصب أرضه أو زوجته، ولا فعلنا أي شيء خطأ في حقه، ورغم ذلك يأتي لإثارة القلاقل بيننا .. إن الغريب لن يقتل مضيفه عند زيارته، وعندما يذهب فربما لا يذهب بظهر متورم، فلا يجب أن نمنحه الفرصة التي يسعى إليها كي لا يشعل الحريق؛ ولذلك سوف نستمر في العمل في هذا الطريق، وعندما ننتهي سنطلب منه مزيدا من العمل .. يعتقد الرجل الأبيض أنكم حمقى، وهذا اعتقاد جيد في بعض الأحيان .. يكفي أن يعرف أنكم تبدون حمقى من أجل السلام فقط .. سوف نسأله سؤالا واحدا أردت أن أتوجه به إليه هذا الصباح، ولكنه لم يستمع .. سوف نتوسل إلى «أوناشوكو» ليترجم لنا هذا السؤال: لماذا لا يدفع لنا أجورنا مقابل العمل في الطريق؟ فأنا أعرف، كما رأيت في «آلو» و«إيجبو»، أن الرجل الأبيض يدفع أجرا مقابل نفس هذا النوع من العمل .. فلماذا نكون نحن مختلفين؟
كان «أوكباكا» مقنعا في حديثه، فلم يستطع أحد أن يضيف شيئا، واتفقت مجموعة «أوتاكاجو» على أن يختار «أوناشوكو» اللحظة المناسبة ليسأل الرجل الأبيض عن السبب في عدم دفع النقود مقابل العمل في الطريق.
قال «أوناشوكو»: سوف أبلغ رسالتكم.
نهض «ووي أودورا» قائلا: إن الرسالة هكذا ناقصة؛ فالرجل الأبيض يعرف السبب الذي من أجله لا يدفع لنا، ونحن أيضا نعرف. كما أنه يعرف أيضا، بأن من يعملون نفس العمل في «أوكبيري» يتقاضون أجرا في مقابل عملهم.
صمت لحظة قصيرة، ثم أضاف: وإذن يجب أن يكون السؤال عن السبب في أننا لا نتقاضى أجرا بينما يتقاضى الآخرون أجرا مقابل القيام بنفس العمل، فهل نحن مختلفون؟ من الضروري، بل ومن الضروري جدا، أن تسألوه عما إذا كنا مختلفين!
وافقوا جميعا، ثم قال أحدهم موجها حديثه إلى «ووي أودورا» وهو يغادر السوق: إن كلامك جيد، وما قلته هو الصواب؛ فربما يخبرنا الرجل الأبيض بأننا قتلنا أباه أو أمه.
شعر «إيزولو» بعد الاحتفال بألم في قدمه وفخذه، وكان لعابه مر المذاق. بدأ في تدليك جسده بالمرهم عندما عاد إلى البيت، وأشعل النار في الخشب طوال الليل، بالقرب من سريره المنخفض المصنوع من شجر البامبو. خافت زوجته الصغرى لمرضه، لكن «إيزولو» لو علم بخوفها لضحك كثيرا؛ لأن «أوجوي» لو عرفته في شبابه لأدركت أن ما يشعر به من تعب بعد الاحتفال لا يعد شيئا بالنسبة لتقدمه في السن، وأنه نفسه يعتبر ذلك شيئا عاديا.
अज्ञात पृष्ठ