चाँद की ओर मुख किये बालक: एक पिता की अपने विकलांग पुत्र के जीवन की खोज यात्रा
الصبي في وجه القمر: رحلة استكشاف أب لحياة ابنه المعاق
शैलियों
تطمئنني ميندا قائلة: «ستمر عدة أشهر قبل أن تدرك أنه بإمكانك وضع فنجان قهوتك، دون أن تخاف أن يوقعه ووكر. ولكن بحلول ذلك الوقت سيعود كثيرا لزيارتك هنا.» ويبدو أن جوانا مستسلمة، أو على الأقل مخدرة فيما يخص قرارنا الذي طال انتظاره، ولكني محطم نفسيا.
أشعر كما لو أن الشكل الذي أعطاه لحياتي، هذا المصير الغامض الذي وجهني إليه، يتلاشى. من أجل ماذا؟ من أجل راحتي الشخصية؟ ألأنه لا يوجد ما يسمى بالحل المثالي؟ وحين أفكر في هذا المنزل من دونه، يصبح جسدي كالكهف. ***
بينما يقترب يوم انتقال ووكر إلى بيته الآخر - في يوم 25 يونيو عام 2005، في نهاية العام الدراسي - كنت أغرق فيما أدرك الآن أنه بحر من الأسى. ذهبت إلى الطبيب أشتكي من آلام في البطن، لكن التحاليل التي أجراها لي لم تظهر أي شيء. الأسى - «ستارة الصمت» كما يسميه سي إس لويس - كان الستار الذي يحجبني عن البشر الأحياء الآخرين، وقد بدا مستحيلا لي أن يفهم أحد المأزق الذي نعيشه: إذا لم يروا أننا وحشين، فعليهم أن يعتبرونا أحمقين. وأحيانا في الليالي التي لم يكن الدور علي في مساعدة ووكر على النوم، كنت أذهب إلى الحانات في المنطقة التي أقطن بها، ولكن كان كل ما أفعله هو أن أحتسي الخمر، وأجلس في مكان واحد وأبقى مع نفسي وأستمع إلى الحوارات، محاولا أن أسترق السمع إلى جزء من الحوارات الطبيعية. كنت أتمنى أن يتحدث أحد إلي - لحسن حظي، لم يفعل أحد ذلك قط - ولكن أردت استعادة جزء من حياتي القديمة البسيطة.
حتى أني أحيانا كنت أذهب إلى نوادي التعري. كنت أفعل هذا بالليل، في طريق عودتي إلى البيت بعد توصيل المربية أولجا بالسيارة إلى شقتها. أعتقد أنني كنت أحتاج إلى الشعور بشيء ما، أي شيء بخلاف فقدان ووكر، مهما تكن درجة غرابته ووضاعته، وشهوتي في أبسط صورها كانت هذا الشيء. وفي حانة التعري يمكنك أن تكون قريبا من رغباتك لفترة من الوقت، يمكنك فيها الوثوق بها وبالمفاجآت، وتذكر نفسك بالعادات القديمة لهذا الشخص الغريب الذي تحولت إليه.
أكثر شيء افتقدته هو غرابته. فقبل ووكر، تصورت أن آباء الأطفال المعاقين والمشوهين يخشون الظهور أمام الناس مع أطفالهم: إن احتمال أن ينظر الآخرون إليهم ويحملقون فيهم وحتى يسخرون منهم يمثل عذابا بالنسبة إليهم، ولكن الحقيقة هي أن ووكر كان يحب أن يركب في عربة الأطفال، وكنت أحب أن أكون معه في الشارع أيضا؛ أتمشى في الشارع العريض الذي تكتنفه الأشجار، وأتحاور معه حول المناظر التي نمر بها، وكان يستجيب إلى نبرات صوتي. «انظر هنا يا صغيري! هذا كلب كبير، وبنت صاحبته. انظر إلى القبعة الفرو التي ترتديها!» وأشياء من هذا القبيل. كان هذا يجعله يضحك، وكان عادة ما يبدو محبا للاستطلاع في الغالب؛ كان هذا أفضل تعبيراته بالنسبة إلي. كان الناس ينظرون إلينا، وعادة لا يستطيعون منع أنفسهم من التحديق في وجه ووكر المكتل، وملامحه الغريبة، وجسمه المشدود المتشنج. ولهم عدد من «الطرق» في النظر إليه؛ فهناك طريقة النظرة الخاطفة ثم النظر بعيدا، وكانت هذه الأكثر شيوعا، وهناك النظرة ثم الابتسامة، لتطمئننا بأن المجتمع يتقبلنا، وأن هذا ليس وصمة عار، وهناك بعض الناس الذين كان يصيبهم الرعب بصورة واضحة، وكان الأطفال يحملقون بصورة مباشرة، وبعض الآباء لم يزجروهم حتى عن فعل ذلك، وعلي أن أعترف أني كنت أنظر إليهم كحيوانات، أوغاد يسيرون في الشارع.
وأحيانا النساء الحوامل، أو النساء الصغيرات بعض الشيء اللاتي أظن أنه بدأت تتكون لديهن رغبة في الإنجاب، كن يأتين نحونا وهن يثرثرن في الشارع، وكأننا أحدب نوتردام كوازيمودو الغريب وحارسه الذي يتمتم، وقد مرت سحب من الذعر على وجوههن الجميلة، ثم كن يتفحصن وجهي، لينظرن إلى أية علامة في قد توحي بأني والد لطفل مثل ووكر، ويعتقدن أن بإمكانهن تحديد مثل هذا الأب. ولكني أبدو طبيعيا، فكانت سحب الذعر تعود وتبقى. تجذبنا حالات الشذوذ؛ لأنها تظهر على نحو عشوائي.
كانت الحملقة تضايقني، وأسوأ من كان يقوم بذلك الفتيات المراهقات، اللاتي لا يمكنهن التوقف عن الأمل والخوف من أن العالم بأسره يحملق فيهن بإعجاب، فتيات يردن الظهور والقبول من جانب المجتمع في الوقت نفسه، وهو أمر مخادع لا يسمح به ووكر لنا نحن الاثنين. في ربيع إحدى السنوات، في افتتاح موسم البيسبول، أخذته لمشاهدة مباراة لفريق تورونتو بلو جايز، وأتت مدرسته كلها في ذلك الوقت، تلك المخصصة فقط للأطفال المعاقين: ثلاثون جسما محنيا ومحطما، يصفرون ويهتفون ويصرخون من أماكنهم على كراسيهم المتحركة وعرباتهم، ويسيرون في صف فردي بطول الرصيف لمسافة عشرين مجمعا سكنيا عبر وسط المدينة. شاهد الجميع هذا المشهد. تفرقنا عندما وصلنا إلى الاستاد، وسرت بالكرسي المتحرك لابني خلال هذا الحشد.
كان يوما دراسيا أو يوم المضارب المجانية، أو مزيجا ما فريدا من الاثنين، وكان الاستاد يعج بالمراهقين، وتكرر ثانية الطقس المماثل نفسه: بنت طويلة بالغة من العمر حوالي 13 عاما تلبس قميصا قصيرا لونه قرنفلي أو أزرق وتنورة قصيرة بيضاء وحذاء خفيفا، وهي قائدة مجموعة صغيرة من ثلاث فتيات يكن دائما أقصر منها، واللائي يلبسن نفس الملابس تماما، تلاحظ أن ووكر وأنا قادمين نحوها، فتميل وتهمس إلى مجموعتها. ثم يحملقن كلهن فينا، وأحيانا تضحك واحدة منهن، وغالبا ما كن يخفين أفواههن بأيديهن ويتظاهرن بأنهن يخفين صدمتهن. أفضل الضحك الصريح على أدبهن المتكلف.
الفكرة أنني أعرف الشعور الذي يحس به الشخص عندما يحملق فيه أحد، بكونه شيئا يستحق الخوف منه والشفقة عليه وحتى كرهه. أتمنى ألا يستطيع ووكر إدراك ذلك؛ وفعلا يبدو أنه يتجاهله، وبالتدريج علمني أن أتجاهله أيضا. في هذه الأيام كنا نسير في الشوارع وكأنها ملكنا، وقد جعلني ووكر أدرك أن كثيرا من القواعد في حياتنا مجرد قواعد مصطنعة.
أتذكر اليوم الفعلي لرحيله على نحو غائم، وكأنني لم أكن في كامل وعيي. كان توصيله هناك - نقلت جوانا ملابسه وألعابه في عربة صغيرة على مرات عديدة في أيام سابقة - هادئا، بعد ظهر يوم إثنين مشمس. تكدسنا كلنا في دار الرعاية، ورحبت به النساء الست العاملات هناك، وأخذته الطفلة شانتال البالغة من العمر ثماني سنوات معها مباشرة. وذهبنا في جولة في حجرة النوم وبقية الدار، والحديقة والتفاصيل الخاصة بأدويته وتغذيته وتعليمات تشغيل المضخة، كل هذا من أجل طمأنتنا. مكثنا هناك لمدة ساعة، ثم احتضناه وقبلناه واحتضناه مرة أخرى، أنا وأولجا وجوانا وهايلي، ثم فعلنا ذلك مرة أخرى، ثم أجبرنا أنفسنا على الرحيل، مودعين الجميع بصوت عال ، ومحاولين أن نستمر في التحرك، وألا نتوقف حتى لا نتأثر بشدة بما كنا نفعله. وفي طريق العودة إلى وسط المدينة من دونه، لم نكن نشعر بالحزن أو الغضب وإنما كنا متيقظين للغاية، كما لو كنا نسير بالسيارة وسط أمطار غزيرة.
अज्ञात पृष्ठ