لسَانك وخيانة تضر سلطانك فأحفظ رَأسك من عَثْرَة لسَانك وَاجعَل لدينك من دنياك نَصِيبا وَكن من نَفسك على نَفسك رقيبًا وصير لكل جارحة من جوارحك زمامًا من الْعقل وَالنَّهْي ولجامًا من الْوَرع والتقى
واذا علمت على إرْسَال رَسُول تستنصحه فاختبر فهمه وفطنته واستبر دينه وأمانته وألزمه الْوَفَاء والعفة وجنبه الْإِكْثَار والخفة وحذره أَن يُزِيلهُ عَن جميل الصدْق اَوْ سَبِيل الْحق عَاجل بر وإكرام وتبجيل وإعظام فَإِن كذب الرَّسُول يفوت المُرَاد ويولد الْفساد وَيبْطل الحزم وينقض الْعَزْم وَاعْلَم أَنه مَوْسُوم بعقله وموزون بِفِعْلِهِ وَأَن معايب الرُّسُل ومعايرهم أفحش من معايبك ومعايرك ومناقبهم ومآثرهم أحسن من مناقبك ومآثرك لِأَن بهم يسْتَدلّ على مِقْدَار معرفتك بمقادير الرِّجَال وَيُوقف على كَيْفيَّة تصرفك بمصاريف الْأَعْمَال فَأحْسن الِاخْتِيَار لَهُم والاستظهار عَلَيْهِم وَاعْلَم أَنهم أساس الْملك وحراسه فَلَا تغفل مُرَاعَاة أَحْوَالهم وَلَا تمهل مُكَافَأَة أفعالهم وَأول المحسن مَا يسْتَحقّهُ بِحسن الْوَفَاء والمسيء مَا يستوجبه من سوء الْجَزَاء ليتصرفوا على الْأَمَانَة ويتعففوا عَن الْخِيَانَة إِن شَاءَ الله
وَجَاء فِي سيرة الْمَأْمُون أَنه أرسل رَسُولا إِلَى ملك الرّوم فَلَمَّا
1 / 87