335

रोकंबोल

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

शैलियों

وجعل العرق البارد يتصبب من جبهة الأرملة دون أن تجيب بحرف، إلى أن قال لها روكامبول: لقد انقضى كل شيء وأظن أنك تخلصين في طاعتنا. - نعم، سأطيعكم فيما تريدون.

وعند ذلك دار بينهما الحديث الآتي، وقال روكامبول: أتحبين المركيزة حبا شديدا؟ - نعم، لقد كانت من خير صديقاتي قبل اليوم، وقد جعلتموها من أعدائي. - حسنا فعلنا، وذلك لخيرك.

فانذهلت وقالت: كيف ذلك؟ - ذلك لأنك إذا فقدتيها يكون حزنك عليها ضعيفا. - كيف أفقدها؟ ألعلها مسافرة؟ - نعم، ولكن سفرها في طريق الموت.

وأجفلت الأرملة وقالت: رباه ماذا أسمع؟ - لا بأس عليك، واجلسي الآن لنتحدث فقد يزول عنك الرعب ...

ولا نعلم ما دار بينهما إلا أنها عندما فارقها روكامبول شيعته بمظاهر الرضى وهي تقول: إلى اللقاء غدا في الساعة السادسة، ثم دخلت إلى غرفتها ولبست ثيابها وركبت مركبة وذهبت مسرعة إلى منزل المركيزة.

وكانت المركيزة وحدها في المنزل، وذهلت لزيارة الأرملة ولا سيما حين رأت آثار الاضطراب بادية في وجهها، إلا أن الأرملة أدركت منها ذلك الاستغراب وقالت: إني ما أتيت في هذه الساعة المتأخرة إلا لفرط تأثري مما شاهدت، فإني لا أطيق النظر إلى الدموع. - ومن الذي بكى أمامك؟ ألعله الدوق؟ - إنه عاشق لا ريب فيه، ولكنه لا يبكي فإن الشيوخ تنضب الدموع من عيونهم ولا يبكي إلا الشبان. - إذن فمن هذا الشاب؟ - أصغي إلي أيتها الصديقة، فإني أتيت لألتمس منك إجراء عمل خيري. - قولي ما تشائين لقد شغلت بالي. - إن هذا الشاب الذي تكلمت عنه سيبرح فرنسا غدا ويفارقها فراقا أبديا، بل فراق رجل قنط من الحياة وأراد أن ينسى أحزانه وأشجانه في البلاد النائية، فأتى وانطرح على أقدامي.

واختلج فؤاد المركيزة وعلمت أنها تريد شاروبيم، ولكنها لبثت صامتة فقالت الأرملة: إنك قد علمت لا شك من هو الشاب الجسور والجبان في وقت واحد، وهو رجل يحبك حبا شديدا منذ عهد بعيد، ولكنه ما زال يكتم هذا الحب في صدره حتى كاد يفتك به، وقد تجرأ أخيرا فباح لك بشيء من هذا الحب، فانذهلت المركيزة وقالت لها: أتعرفين هذا؟ - نعم فلقد باح لي بكل شيء.

فأطرقت المركيزة برأسها إلى الأرض وعادت الأرملة فقالت: إن هذا الرجل التعس بل هذا الرجل القانط قد بعثني إليك وغادرته يبكي بكاء الأطفال.

نظرت إليها المركيزة نظرة المستغرب وقالت: لا شك أن دموعه قد أثرت عليك تأثيرا شديدا، حتى إنك أتيت إلي بمثل هذه المهمة، فلقد نسيت كما يظهر أن لي زوجا وأن كل نظرة أو كلمة من رجل آخر تكون إهانة لهذا الزوج.

فاستدركت الأرملة وقالت: لقد أسأت بي ظنك أيتها الصديقة، فإني ما أتيت إليك من أجله بل من أجل أمه. ثم أخرجت من جيبها الكتاب الذي أملاه روكامبول على شاروبيم كما يذكر القراء وقالت لها اقرأي.

अज्ञात पृष्ठ