وكانت الكاهنة حين أسرت ثمانين رجلا من أصحاب حسان أحسنت (١٨٨) إسارهم إلا رجلا واحدا وهو خالد بن يزيد العبسي (١٨٩)، وكان أذكر من كان مع حسّان، فحبسته عندها (١٩٠)، ثم عمدت إلى دقيق شعير مقلوّ، فأمرت به فلتّ بزيت-والبربر تسمّى ذلك «البسيسة» (١٩١) -ثم دعت خالد بن يزيد وابنين لها فأمرتهم فأكلوا ثلاثتهم (١٩٢) منها، وقالت لهم: أنتم [الآن] (١٩٣) قد صرتم إخوة. وذلك عند البربر من أعظم العهد في جاهليتهم إذا فعلوه.
ثم إنّ حسّان بعث رسولا إلى خالد-وخالد عند الكاهنة-يقول له: قال لك حسّان: مالك لا تكاتبنا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد كتابا (١٩٤) إلى حسان مع رسوله في خبزة ملّة (١٩٥)، قد أنضجها، ثم دفعها إلى الرسول ليخفي الكتاب، وليظنّ من رأى الخبزة أنها زاد ذلك الرجل فلم يغب شخص الرجل الرسول [عنهم] (١٩٦) حتى خرجت الكاهنة ناشرة شعرها (١٩٧) [وهي تقول: يا معشر بنيّ] (١٩٨)، هلاككم فيما يأكل النّاس فكرّرت ذلك ثلاث مرّات، ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب، وقد افترق الناس يمينا وشمالا يطلبون من قالت فيه، فستره الله ﷿