من الطويل
وليل غدافي الإهاب ارتديته ... وصحبي نشاوى من نعاس ومن لغب
كأن السماء اللازوردي مطرف ... وأنجمه فيه دنانير من ذهب
كأن سواد الليل زنج بدا لهم ... من الصبح ترك فاستكانوا إلى الهرب
كان ضياء الشمس وجه محمد ... إذا أمه الراجي فأعطاه ما طلب
فنهضت أسابق رجع الطرف، مسارعا إلى متن الطرف، واستصحبت ذلك الغلام إلى موضع ميعاد بدر التمام، فحين رأيت مسارح تلك الغادة المكسال وشممت من تلك التربة ارج مساحب الأذيال، أنشدت ودموع العين أخذة في الانهمال: من الطويل
وحقك أن الجزع أضحى ترابه ... عبيرا وكافورا وعيدانه رندا
وما ذاك إلا أن مشت بجنابه ... أميمة في سرب وجرت به بردا
وقريب منه قول النميري: من الطويل
تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت ... به زينب في نسوة عطرات
يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات
وجادت العين بما هو أغزر من نوء العين، كفكفته تجلدا فوكف، وسمته وقوفا فما وقف، وأردت الإنكار فاعترف، وصاب فكأنه من لجة البحر اغترف.
من الوافر
أرى آثارهم فأذوب شوق ... وأسكب في مواطنهم دموعي
وأسال من بفرقتهم رماني ... يمن علي منهم بالرجوع
وطفقت أجول في تلك العراص، وأطلب الخلاص، ولات جل مناص فألوم نفسي تارة وأعذرها أخرى، واستنصر بإمداد الصبر وهي وانية حسرى، إلى أن كاد اليأس يغلب الأمل وامتداد الانتظار، حتى قلت إن يومه بآخر الدهر قد اتصل، فإذا السراب قد عن وصدق الحبيب الظن، وذهب فن، واقبل فن وحصل جود وتم من.
من البسيط
فقمت أفرش خدي في الطريق له ... ذلا وأسحب أكمامي على الأثر
وجرت عند مشاهدة جمالها، وشغلني حسنها عن السلام عليها. وسؤالها، فوقفت ذاهلا، وقد أصبح سحبان بياني باقلا، فابتدرني بالتسليم، وابتسمت عن مثل الدر النظيم، وقالت كيف وجدت نفسك بعدنا، وهل شكوت بعدنا أم هل عندك مما عندنا، وهلا أحسنت تلقينا من الصبابة ما لقينا، وكيف دهشت حين قدمنا، وهل عدمت الجلد كما عدمنا، وهل غلبك الهوى فلم يجر لسانك أم هل استوى عليك الوجد فسلب بيانك، خبرني عن ضميرك، واشرح لي كنه أمورك، فأنشدت وقلبي طائر، ودمعي في المآقين حائر: من الكامل
لم أنسه لما بدا متمايلا ... يهتز من لين الصبى ويقول
ماذا لقيت من الهوى فأجبته ... في قصتي طول وأنت ملول
فتبسمت عن مثل اللالي وقالت: اسمع ما قال الجمال ياقوت في وصف حالي الحالي: من الكامل
صدقتم في الوشاة وقد مضى ... في حبكم عمري وفي تكذيبها
وزعمتم أني مللت حديثكم ... من ذا يمل من الحياة وطيبها
أما نحن فأشواقنا إليك متزايدة، وأنفاسنا لبعدك متصعدة، وليلنا بعدك طويل، ونومنا وقد غبت قليل، نتعلل بلقائك ونتعرض للنسيم، إذا هب تلقائك: من البسيط
ما أظلمت ليلة والعين ساهرة ... يعتادها من نزاع نحوكم أرق
ألا تمنيت أن الريح لي نفس ... يسري إليكم وأن النجم لي حدق
وإيه كيف صبرك على فراقنا، وحالك بعد انطلاقنا، وهل ساعدك الجلد أم استولى عليك الكمد، وهل ذقت مناما هجرناه، أو عرفت قرارا أنكرناه. من المتقارب.
وحقك كدرت صفو الحياة وطيب الرقاد بهذا الصدود ولو نلت من زمني ما أريد لناديت يا ليلة الأنس عودي وهد الجملة والتفصيل، والأولى الاختصار إذا لم يفد التطويل، فإن أنكرت أمرا، فسل قلبك فهو عارف، أو استقلك دمعا، فشاهده دمعك الذارف، وقد حالك أيام البعاد، وتحققت كلما جرى فلا حاجة إلى التعداد، ووقفت على الحقيقة، وحمدت ما ظهر من تلك الطريقة، وقد كايتك الصبابة، وما صرحت ومعي من الصبر صبابة، من الطويل.
ألفنا التجافي واطمأنت قلوبنا ... عليه وهذا آخر العهد بالصبر
فمر بما تريد واحكم حكم المالك على العبيد، فحين سمعت كلامها، وفهمت نظامها، زاد غرامي اضعافا، واستخفني الطرب استخفافا، وكدت أطير فرحنا وجذلا، ولو لم أتتماسك لصرت مثلا: من الوافر
إذا الخبر استخفك من بعيد ... نثاه فكيف ظنك بالعيان
1 / 15