يا جاهل، لو أمكن قتل الهلال لبقيت السماء بلا قمر لأن القمر هو الهلال. وكيف يدعى أرضي يأكل الطعام أن يصل إلى مساءة الهلال؟ أف لك ولرأيك فإنه أفين.
وزعمت أنه كان لا ينكر ذبح المقعد بالبصرة ولا الكوفة، وينكر ذبحة بمكة. فعاذ الله! أمير المؤمنين كان أرأف وأعدل مما تصف، وكم من مقعد نالته بركة أمير المؤمنين! وما الذي بينك وبين أهل العاهات والمحن؟ تزعم أن يطلق أذاتهم وقتلهم حتى تغرى بذلك لئام الناس! وما خرج سهم الأعمى، إلا فائزًا في قسمتك: زعمت أنه كان يكره دخوله المسجد، وهذا أيسر من الذبح والقتل. فظهر سرك واستسر علنك، أقول ذلك داعيًا عليك.
زعمت أنه كان يحمل القبيلتين والثلاث ويمش بهن في الأسواق.
فأحسبك نصيري المذهب تدعى ل " علي، ﵇ " ما ليس في قوى المخلوقين. ولو أن هذه القبائل التي ذكرت ذحوة وذحية والوقعة، وهي قبائل صغار، لتعذر ما زعمت فيهن.
وزعمت أنه كان يسير على ظهر الحية عامة يومه. فلا دارت عذبة لسانك بكلمة! أحية بر هذه أم حية بحر؟ إنما ادعى أهل الكتاب الأفلام الحية كانت في خلق الجمل أو الناقة، فقد ذكر ذلك " عدي بن زيد " في أبيات - وتروى " لأمية بن أبي الصلت الثقفي " قال:
اسمَعْ حديثًا كما يومًا تُحدِّثُه ... عن ظهرِ غَيْبٍ إِذا ما سائلٌ َأَلاَ
كيف بدا ثُمَّ رَبَّ اللهُ نِعمتَه ... فينا وعَلَّمنا آياتِه الأُوَلاَ
كانت رِياحٌ وسيلٌ ذو عُرانيةٍ ... وظُلمةٌ لم تَدَعْ فَتْقًا ولا خَلَلاَ
فأمَر الظلمةَ السوداءَ فانقشعتْ ... وسَيَّرَ الماءَ عما كان قد شغلا
وجعلَ الشمسَ مِصْرًا لا خَفَاءَ به ... بين النهار وبين الليلِ قد فَصَلا
وفي السماءِ مصابيحٌ تَضِيءُ لنا ... ما إِنْ تُكَلِّفُنا زَيْتًا ولا فُتُلاَ
قَضَى لِستَّةِ أَيَامٍ خَليقتَه ... وكان آخِرُ شيءٍ صَوَّر، الرَّجُلا
فأخَذَ اللهُ من طِينٍ فَصوَّره ... حتى إِذا ما رآه تَمَّ واعتدَلاَ
دعاه آدمَ صوتًا فاستجاب له ... ونفَخَ الروحَ في الجِسْمِ الذي جَبَلاَ
لم يَنْهَهُ رَبُّه عن غيرِ وَاحدةٍ ... من شجَرٍ طيِّيبٍ إِنْ شَمَّ أَو أَكَلاَ
وكانت الحيَّةُ الرقشاءُ إِذ خُلِقَتْ ... كما ترى ناقةً في الخَلْقِ أَو جملا
فلاَطها الله إِذ أَطْغَتْ خَليفتَه ... طولَ الليالي ولم يجعل لها أجَلاَ
تَمشِي على بَطْنِها في الأرض ما عَمِرتْ ... والتُّرْبَ تأكلهُ حَزْنًا وإِن سَهُلاَ
لو كانت الحية التي ذكرت، الحوت الذي يحمل الأرض لجازما وصفت.
وزعمت أن العقرب كانت تلقاه فتعم أصحابه بالأذية ولا تضره في نفسه.
وأي شيء العقرب حتى نصل إلى ذلك، وابن الست والسبع يقتلها بالغريفة والعدد الكثير من جنسها؟ ولكنك اجترأت على الكذب فقلت ما شئت. ولعمري إذا كانت الحية يسار على ظهرها المراحل، فيجب أن تكون العقرب على حسب ذلك.
وزعمت أنه كان لا يخضب الشيب ويجيز ذبح الخاضب ويحل أكل لحمه شواء أو قديرًا.
فأما ترك الخضاب فقد روى عنه. وقيل إنه خضب مرة ثم لم يعد له.
وادعاؤك أنه أطلق ذبح الخاضب، حدث عظيم. ويحك! ألم تعلم أن " الحسين " كان يخضب؟ ومنه الحديث الذي يرويه " عبيد الله بن الحر " أنه قال: " نظرت إلى الحسين وكأن لحيته جناح غراب، فقلت: أشباب ما أرى با ابن بنت رسول الله؟ فقال: با ابن الحر عجل على الشيب. فعلمت أنه خضاب ".
وقد روت الشيعة أن النبي ﷺ كان يخضب. أما الصحابة والتابعون فالخضاب فيهم كثير.
وهل بلغت المعصية بالخاضب إلى أن يذبح؟ وإنما أكثر ما يكره من الخضاب أن يغر به الرجل امرأة في التزويج فتظن أنه شاب. وقيل ل " ابن سيرين ": ما تقول في الخضاب بالسواد؟ فقال: ما لم تغر به امرأة مسلمة فلا بأس به.
وكان " عقبة بن عامر " يختضب بالصبيب. وقيل إنه ماء ورق السمسم، ويقال إن الصبيب شجر طيب الرائحة. قال " علقمة " فدل على أن الصبيب متغير اللون:
1 / 42