وأهل مملكة " محمود " يزعمون أن له سبعمائة فيل، يستعظمون ذلك. ولو أراد " السيد عزيز الدولة وتاج الملة أمير الأمراء " - أعز الله نصره - أن يجمع في اليوم الواحد عشرة آلاف فيل على نحض وثريد لفعل.
ومثل هذه الأخبار كثيرة لا تحصى، وأقتنع بما ذكرت خشية الإطالة.
فيجوز أن ينطلق الله البعير فيقول: " دهدرين، سعد القين "! إن جرفك لمتهدم، وإنك لمجتريء على الكذب. وما يحسن بمثلي وأنا مخلف عامين، أن ينقل باطلًا ولا يتحمل كذبًا. يا نغل يا وغل، لعنت ورعنت وطعنت! ربك منك ينتقم، فلذلك عقمت فيمن عقم. أعلى " أهل البيت " ﵈ تلع؟ لعلك لهم ناصب فيصيبك عذاب واصب. أزعمت أن الريحانتين " صلى الله عليهما لم ير أحدهما الآخر، وحكمت أن " البسطين " يجريان مجرى القرطين هما في الحقيقة أخوان ولكنهما لا يلتقيان؟ وهل فرق بينهما شيء إلا الموت؟ ولعمري إن " الحسن " قد سافر تلك السفرة ولم يكن " الحسين " معه.
وزعمت أن " محمد بن علي " لم ير جعفرًا في داره، فمن الذي نقل ذلك إليك؟ أليسا " بالمدينة " كانا قاطنين؟ أفتظنهما كانا لا يتزاوران؟ لقد كذب ظنك ولم يوفق رأيك. إنما يترك الزيارة من ينسب إلى العقوق.
فأما الولد البر والأب المشفق فلا بد لهما من الزيارة. وقد دلت الأخبار أن " جعفرًا " ﵇ كان يسكن مع أبيه في الدار برهة من الدهر.
وأما قولك إن " الزهراء " صلى الله عليها، لم تر " عليا " ﵁ في بيتها، فعليك بهلة الله، " أين كانت تلقاه؟ أفي بيوت الناس أم على ظهور الصعدات؟ " وزعمت أن الخل كان يحضر مائدة " علي بن الحسين " فيسأل عن الحلال والحرام. وهل للخل أرب في ذلك؟ ما يشعر الخل، وجدك، أفي خابية خل ألقى أم لشاكى صفراء سقى؛ ولا يبالي أطبخ به لحم خنزير أو لحم فصيل؛ ولا يحفل أأدم به الناسك رغيفًا أم تصبغت به الفاجرة حليفة العهار، ولا يحس أجمد في شتاء بارد أم غلت به البرمة فوق الجمر الواقد. وهل هو فيما زعمت إلا كماء الكحب والسليط وما يعتصر من الثمار والورد؟ وما يؤمنك إذا ادعيت ذلك أن يدعى مدع للخمر أنها لقيت بعض الأثمة فسألته عن نفسها فزعم أنها حلال؟ وما تنكر، إذا قلت ذلك، أن يقول قائل: إن نبيذ التمر فقيه يفتي فيما يرد من المسائل؟ ثم زعمت أن " عليًا " - صلى الله عليه - كان لا يكره أن يبال في الخل. فبعدًا لك من مناقض بين خبريك! فالعجب من كلا أمريك: بينما جعلت الخل متفقهًا، عدت فزعمت أنه لا حرمة له كغيره من الأطعمة والأشربة. ومعاذ الله، لو جاز أن يفعل ذلك بالخل، لجاز أن يفعل ذلك باللبن والزيت.
وزعمت أن " السبطين " كانا يتطهران بالبسر ويغتسلان منه. فما الذي تقصد بهذا القول؟ لو جاز التطهر بالبسر لجاز بالعنب والبلس وكل الثمار. اللهم إلا أن تعنى أنهما كانا يعطيان البسر لمن يجيئها بالماء.
فإن كنت أردت ذلك فأي فائدة في كلامك؟ تجوز الطهارة على هذا بالإهليلج والصبر وكل ما ينتفع به الآدميون.
وزعمت أنهما كانا يأخذان البث بأيديهما فيضعانه في أفواههما. وذلك من المنكرات: إنما يؤخذ باليد ما تشغل به الأماكن. فأما الأعراض فلا يقدر أحد أن يدعى فيها ذلك. هل يمكن رجلًا أن " يقبض على السواد أو البياض أو الرائحة؟ ولكن قد اختلف المتكلمون في الحركة، وهي عرض، فقالت طائفة: الحركة لا ترى، وهو مذهب النحويين. وقالت طائفة أخرى: بل الحركة مرئية وليس لها تعلق بهذا القول. وقد نفى بعض المتكلمين الأعراض؛ وإلى ذلك ذهب " الأصم " ومن أخذ بقوله.
ولو جاز أن تقبض الكف على البث، جاز أن تقبض على السرور وعلى الغيبة وعلى الظن وعلى غير ذلك من الأعراض.
وأما زعمك أن " عليًا " كان يضرب أم الصبيين بسيفه، فإنما فعل ذلك لحدث أحدثته أوجب لها أن تضرب.
وادعاؤك أنه كان يكره دخول الأعمى المسجد، كذب لم يروه أحد من الشيعة ولا من غيرهم. وما خلت المساجد في عصره، ﵇، من المكفوفين يقرأون القرآن في المساجد ويقرأونه الناس ويؤمون بالجماعات.
1 / 35