قطبها ومحورها، وهو الجنس. (2)
ضدها ومفنيها، وهو الموت.
أما أن يكون الجنس محورها وعمادها وضامن استمرارها، فليس بعجيب، فقد تفننت الطبيعة في ذلك تفننا ما عليه من زيد، والمطلع على كتب علم الحياة يرى كيف تتهافت المخلوقات البدائية على التناسل تهافتا جنونيا، ونحن اليوم وإن تغيرت صور الحياة وأوضاعها، لا نزال نؤمن أن الحياة تقوم على نوعين من الحاجة، الحاجة إلى الطعام، والحاجة إلى الجنس.
أما تحصين الحياة بضدها، وهو الموت، فهذا هو المعجزة التي ما بعدها معجزة، للتدليل على أن هذا الخلق وليد قوة خارقة؛ فإن الموت يمنع الحياة من التكاثر المطلق الذي يؤدي إلى إفنائها بتطاحن أبنائها وتقاتلهم على الحطام، وبذلك يصونها.
والثاني أن تحديد دورة الحياة بحتمية الموت، هو السبب في الاختراعات بأنواعها، وفي الإتيان بأروع الأعمال في تلك الحقبة الصغيرة من عمر الزمن، وفي الجري وراء الرزق، وفي طلب النسل؛ أي في كل ما هو قيم ونافع وجميل، يمكننا من هذا أن نستشف رسالة أبناء الحياة، فالحياة تسعى إلى البقاء، وتهدف للكمال، فرسالة أبنائها أن يتعاونوا على البقاء والكمال.
وحين أقول: «أن يتعاونوا» أعني كلمة التعاون بأوسع معانيها، رسالة الحياة الكبرى هي في هذا التعاضد والتكاتف لبلوغ الغاية.
إن المجهود الفردي مهما عظم لا يقيم إلا حجرا واحدا في البناء الضخم، ولكن أبناء الحياة متكاتفين يمكن أن يبنوا كل يوم هرما خالدا.
إن العمل من جانب واحد يخل الميزان، ويهوي بكفة منه على حساب الأخرى، فاستقرار هذا «الميزان» هو الغاية التي يجب أن ننشدها حيثما التفتنا.
فإذا نظرنا إلى علاقة الفرد بباقي الأفراد علمنا قيمة هذا التوازن في العلاقات الآدمية.
وإذا نظرنا لداخل النفس وجدنا أن سكينة النفس وصلاحيتها تتوقفان على توازن القوى الداخلية، وفي المجموع، يتضح لنا أهمية التوازن الاقتصادي، فهذا هو أساس الرخاء وأصل الأمن، ومنشأ الحضارات الزاهية، ولا سبيل إليه إلا بتكاتف الأفراد معا على استقرار الميزان.
अज्ञात पृष्ठ