أما المرحلة الثالثة: فهي التي اشترك فيها اشتراكا فعليا في أمور مواطنيه، وهي المرحلة التي أخذ ينفذ فيها رسالته بقوة، وقد كلفه ذلك غاليا، إذ أدى به إلى المحاكمة فالموت، وكل نفس أبية لا تطرق أي باب للخلاص ما دام يتنافى مع مبادئ الرسالة التي يعتنقها.
عندما هرمت الديمقراطية، حكمت أثينا لجنة مكونة من 30 رجلا كان من بينهم صديقه الحميم «كريثياس» فاستبدت وطغت، وأخذت تصادر الأموال وتخالف القوانين، وتحاكم القواد، فثار سقراط على ذلك، وأبى أن يشترك في هذه الأعمال مع أنه كان عضوا في اللجنة التي تولت محاكمة القواد، وأبى كذلك أن يستمر في أعمال المصادرة والقتل بغير جريرة مع تكليفه بذلك؛ كل هذا زيادة على انتقاده علنا لهذه التصرفات حتى زجره صديقه كريثياس وثار في وجهه غاضبا.
ولقد كان انتقاده للديمقراطية أن هؤلاء فيهم الفضلاء، وهؤلاء منهم السادة الأكفاء، ولكن ما فائدة ذلك إن لم ينقل هؤلاء فضلهم وأهليتهم للشعب، لقد كان «بركليز» عظيما ولكن أين مثار عظمته؟ وكان «أرستبد» عادلا، ولكن أين عدوى عدله؟!
كان يصيح بهذا النقد علنا؛ فأحفظ قلوب الحكام عليه، وطلبوا تقديمه للمحاكمة أربع سنوات؛ أي بعدما عادت الديمقراطية وانتظمت دوائر المحاكمة من جديد، وكان في مقدوره أن يهرب، وأن ينفي نفسه بنفسه، ولكنه انتظر المحاكمة هادئا، وكانت أسباب المحاكمة هي: (1)
إفساد ديانة اليونانيين. (2)
إفساد أخلاق الشباب. (3)
أنه مسئول عن هرب «السبياديس» إلى صفوف الاسبارطيين مما أدى إلى هزيمة أثينا. (4)
أن كل ما جاء في مسرحية «أرستوفان» حقيقي وينطبق عليه، وأنها لم تكن مجرد سخرية، ومعنى هذا أنه كان صاحب مدرسة يتقاضى منها أجرا، وأنه اخترع دينا جديدا مبنيا على الهواء والأشباح
ghosts
وعلى تقاليع أخرى منها أنه اخترع آلة يتماوج بها فكره خوفا من التصاقه بالأرض.
अज्ञात पृष्ठ