ولما وصل الرسولان إلى مكة وجدا فيها الربيع بن حبيب - كما تذكر المصادر - وجماعة من أصحابنا منهم مخلد بن العمرد - كما ذكر أبو زكرياء -، وزاد الشماخي وائل بن أيوب الحضرمي وغيره من المشايخ، فأخبرهم الرسولان فيما قدما فيه، من إرسال أصحابهم، في أمر ابن فندين، فدفعا إليهم كتبهم، فقرؤوها وفهموا ما فيها؛ ثم اجتمعوا ليجيبوهم عنها، واجتهدوا في النظر لله ولدينه ولأهل دينه، ولم يألوا جهدا في النصح. فكتبوا إليهم:
«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد يا إخواننا، قد بلغنا ما كان من قبلكم، وفهمنا ما كتبتمونا من أمر الشرط في الإمامة، ألا يقضى أمر دون جماعة معلومة، فالإمامة صحيحة، والشرط باطل...» (¬1) .
قال الشماخي وتبعه الباروني: «كتبها مخلد وألقاها إلى عبد الرحمن بن محمد بن مسلمة، وأمره بنسخها، لتكون حجة للمسلمين بعدهم في مثل هذه الحادثة». وانفرد الشماخي بقوله: «من جملة ما يتضمنه:...» ثم نقله لجزء من الرسالة نقلا حرفيا في خلاف المغرب. وقد أشرت إلى ذلك الجزء في الهامش.
وبهذا العرض يظهر أن كتاب السير الأوائل - كأبي زكرياء والدرجيني - أشاروا إلى رسالة خلاف المغرب الأولى، ونقلوها بنصها، ولم يهتدوا إلى هذه الرسالة الثانية. لأسباب هي - في نظرنا -:
إما أنهم لم يسمعوا عنها، أو سمعوا عنها ولم يجدوا إلا نص رسالة المغرب فتوهموا أنها هي نفسها، والأرجح أنهم لم يسمعوا بها ولا بخلاف تلامذة أبي عبيدة في هذه المسائل.
¬__________
(¬1) - أبو زكرياء: سير الأيمة، ص91-92 ... *الدرجيني: طبقات المشايخ، ج1/ص49-50
*الشماخي: كتاب السير، ج1/ص131 *الباروني: الأزهار الرياضية، ج2/ص157-158.
... ... ... مع اختلافات طفيفة فيما بينها.
पृष्ठ 6