جمعًا كثيفًا واما انها ادخلت في العبودية فهؤلاء محتكرو التنباك لا يأتمرون في تسعيره الا اوامر الطمع فيرفعون سعره ويغلون ثمنه كما يشاؤون حتى اصبح رطله بتسعين غرشًا وما من داعية لهذا الغلاء الذي دخل في باب الغلو الا طمع المحتكرين فلو ان آفة سماوية ذهبت بنصف حاصلات التنباك ما تأذى حب الربح باصحابه وتجاره ان يبيعوه رطلًا بتسعين غرساَ وكذا لو تضاعف عدد المتسلين بالنارجيله ما غلا التنباك هذا الغلاء ولا انتهى ثمنه الى هذا الحد البعيد حتى عاد ذوو المال الجم والداخل المضارع اليم يئنون من هذا الغلاء بل يتأَوهون من هذا البلاء ويتبرمون بهذا الرق بل يتألمون منه فهل من سلطة تجور على الانسان اشد من سلطة العادة التي تمكنت منه فاين المنادون بالحرية اليس في وسعهم ان يهجروا النارجيلة فيتخلصوا من تكاليفها وينجوا من آفاتها ليت شعري من ذا الذي يلزمهم بها او يكرههم عليها وكاني اسمع لسان اولي النارجيلة وانا اكتب هذا السؤَال يقول مجاوبًا انما تكرهنا يا صاح سلطةٌ قاهرة وقوة قاسرة هي سلطة العادة وقوتها وكم من فقيرة تقول (اقعد بلا اكل والا اقعد بلا اركيله) وكم من مصدور يقول (الموت ولا فراق النربيج) فان كان في نيتك حمل الناس على هجر تلك العادة فكانما قد سمت نفسك ان تجفف البحر او تكسف الشمس واين قوتك مما تحاول ولعل الذي جرأَك على ذلك لم تذق لذة النارجيلة التي لا احلى منها عند الصباح والاصيل وبعد الطعام ولا سيما في البساتين عند نفحة الربيع وهبوب النسيم العليل وما احراك ان تتذكر قول الشاعر:
دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى ... فاذا عشقت فبعد ذلك عنف
نعم اني لواثق كما علمت من كلامي بان ذوي النارجيله قد ملكتهم قوة العادة لكان حسن النظر في سوءِ المصير قد بصَّر بعض مشاهير المولعين بالنارجيلة ففطموا انفسهم عنها واستعاضوا من الهزال سمنا ومن الشحوب
1 / 42