ومن جهة أخرى، فلما كان مؤلفه يكرر دائما أنه لم يكن هناك في عصره أي ملك لإسرائيل، فلا شك أنه لم يكتب بعد أن استولى الملوك على السلطة. أما أسفار صموئيل فليس هناك ما يدعو إلى التوقف عندها طويلا لأن القصة تستمر بعد وفاته بوقت طويل. ومع ذلك أريد أن أبين أن هذا السفر لا بد أنه قد كتب بعد صموئيل بقرون عديدة؛ ذلك لأن المؤرخ في السفر الأول، الإصحاح 9، الآية 9 يعطي هذا التحذير في جملة اعتراضية: «وكان فيما سبق إذا أراد الرجل من إسرائيل أن يذهب ليسأل الله يقول له: هلم نذهب إلى الرائي لأن الذي يقال له اليوم نبي كان يقال له من قبل راء.» وأخيرا، فإن أسفار الملوك قد تم اقتباسها - كما هو ثابت في هذه الأسفار ذاتها - من كتب حكومة سليمان (انظر: الملوك الأول، 11: 41)
35
ومن أخبار ملوك يهوذا (انظر: 14: 19، 29)
36
ومن أخبار ملوك إسرائيل، وبذلك ننتهي إلى أن كل الأسفار التي عرضنا لها حتى الآن قد كتبها مؤلفون آخرون غير الذين تحمل هذه الأسفار أسماءهم، وأن الروايات التي تتضمنها تقص علينا حوادث قديمة.
وإذا نظرنا الآن إلى تسلسل هذه الأسفار كلها وإلى محتواها، رأينا بسهولة أن الذي كتبها مؤرخ
37
واحد أراد أن يروي تاريخ اليهود القديم منذ نشأتهم الأولى حتى هدم المدينة لأول مرة. والواقع أن طريقة تسلسل هذه الأسفار تكفي وحدها لإثبات أنها تضم رواية لمؤرخ واحد، فبمجرد انتهائه من قصة حياة موسى انتقل مباشرة إلى قصة يشوع: «وحدث بعد موت موسى، خادم الله، أن قال الله ليشوع ... إلخ.» وبعد أن انتهى من قصة موت يشوع انتقل بالطريقة نفسها إلى تاريخ القضاة وربطها بالطريقة نفسها بما سبق «وبعد أن مات يشوع طلب بنو إسرائيل من الله ... إلخ.» ثم ألحق سفر راعوت بوصفه تذييلا لسفر القضاة بهذه الطريقة: «وفي هذه الأيام التي يحكم فيها القضاة حدثت مجاعة كبيرة على هذه الأرض.» ثم ربط بالطريقة نفسها سفر صموئيل الأول بسفر راعوت، وعندما انتهى من هذا السفر الأول انتقل إلى الثاني أيضا بالطريقة نفسها. وإذن فمجموع النصوص، والترتيب الذي تتعاقب به الروايات يدل على أن كاتبها مؤرخ واحد له غرض محدد؛ فهو يبدأ بقصة النشأة الأولى للأمة العبرية، ثم يخبرنا بعد ذلك بالترتيب: ما المناسبة، وفي أي الأوقات أقام موسى الشرائع وقام بتنبؤاته العديدة للعبرانيين، بعد ذلك يخبرنا كيف استولوا على الأرض الموعودة كما تنبأ لهم موسى (انظر: التثنية، الإصحاح 7)،
38
ثم كيف تركوا الشرائع بعد أن استولوا على الأرض (التثنية، 31: 16)
अज्ञात पृष्ठ