شغف بعض ملوك الإسلام بالعمران
1 مثال منه : أثار عبد الرحمن الناصر الأموي في الأندلس
أردنا أن نردف أخبار أبطال العمارة ، وصناديد البناء والتشييد ، وكفاة الشبع والري من مسلمي المشرق ، بأخبار بعض أقرانهم من مسلمي المغرب ، ليعلم الناس أن الإسلام أنجب ملوكا وسلاطين ، كانوا يحتفلون بالعمران ، ويعمرون القفار ، ويرتبون من أمور المدنية ما يرتبه الإفرنج اليوم ، وما لم يكونوا يحسنون مثله في تلك القرون ، التي كان المسلمون فيها هم الأعلون في كل شيء.
فمن هؤلاء في المغرب الخليفة عبد الرحمن الثالث ، الملقب بالناصر الأموي ، ولست بمتعرض الآن إلى ذكر خلافته التي استمرت خمسين سنة ، ومغازيه في بلاد الإفرنج ، ومآثره الباهرة التي اتفقت عليها تواريخ الشرق والغرب (1)، ولكني أريد أن أذكر من علو همته في البنيان من تتحير به العقول.
ذلك أنه بنى قصر الزهراء بقرطبة ، فكان طول هذا القصر من الشرق إلى الغرب ألفين وسبعمئة ذراع ، أي نحو كيلو مترين ، وعرضه من الشمال إلى الجنوب ألفا وخمسمئة ذراع ، أي نحو كيلو متر ، وكان في الزهراء أربعة آلاف وثلاثمئة سارية ، وكان فيها ما يزيد على خمسة عشر
पृष्ठ 102