انتهى كلام ابن خلكان (1).
وانظر إلى ما يقوله عن هذا الوزير ومآثره الرحالة ابن جبير الأندلسي (2) ، وقد عاش في ذلك العهد ، وهو : ولهذه البلدة المباركة (أي مكة) حمامان.
أحدهما : ينسب للفقيه الميانشي أحد الأشياخ المحلقين (3) بالحرم المكرم.
والثاني : وهو الأكبر ، ينسب لجمال الدين ، وكان هذا الرجل كصفته جمال الدين ، له رحمه الله بمكة والمدينة شرفهما الله من الآثار الكريمة ، والصنائع الحميدة ، والمصانع المبنية في ذات الله المشيدة ما لم يسبقه أحد إليه فيما سلف من الزمان ، لا أكابر الخلفاء فضلا عن الوزراء.
وكان رحمه الله وزير صاحب الموصل ، تمادى على هذه المقاصد السنية ، المشتملة على المنافع العامة للمسلمين ، في حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم ، أكثر من خمس عشرة سنة ، لم يزل فيها باذلا أموالا لا تحصى ، في بناء رباع بمكة ، مسبلة في طرق الخير والبر ، مؤبدة محبسة ، واختطاط صهاريج للماء ، ووضع جباب في الطريق ، يستقر فيها ماء المطر ، إلى تجديد آثار من البناء في الحرمين الكريمين.
وكان من أشرف أفعاله أن جلب الماء إلى عرفات ، وقاطع عليه بني شعبة سكان تلك النواحي المجلوب منها الماء بوظيفة من المال كبيرة ،
पृष्ठ 93