إلا الراجل ، وليس خطها مستقيما على اطراد ، بل فيه تعاريج كثيرة ، قد تكون اقتضتها طبيعة الأرض ، أو يكون مهندسو القناة مروا بعيون أرادوا أخذها في طريقهم ، فعرجوا عليها ، وحيطان القناة من الجانبين غير مطلية بالجير ، ولا مجصصة ، بل مبنية بالحجر البسيط ، وذلك حتى يرشح الماء من خلال الحيطان ، لأن الجص من شأنه أن يمنعه كما لا يخفى ، ومن دقائق هندسة هذه القناة أنهم جعلوا انحدار الماء في المجرى خفيفا ، وذلك خشية من أن يحفر في الأرض فيما لو كان شديدا ، فتصير أرض المجرى مع توالي القرون أسفل كثيرا من الحيطان ، فتصبح هذه على شفا جرف هار.
ولهذه القناة خرزات مفتوحة من سطحها ، على مسافة كل (20) أو (30) ذراعا واحدة ، وذلك لأجل سهولة التعزيل.
قالوا : إن زبيدة أنفقت على هذه العين مليون دينار ، وأنها لما انتهت من العمل جيء إليها بدفاتر الحسابات لمراجعتها ، فأمرت بطيها ، وقالت : إنما عملنا ما عملناه في سبيل الله ، فلا فرق بين أن تكون النفقة أكثر أو أقل.
وكان في الماضي موكلا بهذه القناة ثلاثمئة رجل من بيشة ، وكانوا يحرسونها ليلا ونهارا ، ومنهم أناس عند كل خرزة ، فأما الآن فإن الحكومة جاعلة لها دركا خاصا ومفتشين ، لا يزالون يتعهدونها من رأس نبعها إلى مكة.
وقيل لي : إنه لا يزال في وادي نعمان عيون من الممكن شراؤها ، وإضافتها إلى عين زبيدة.
ثم إنه يوجد عين أخرى اسمها عين الزعفران ، جددتها ملكة أخرى اسمها زعفران ، قيل لي : إنها من إحدى الأسر المالكة كانت بمصر ، ولم أجد ذلك في كتاب ، فهذه العين مجرورة من وادي حنين ، من
पृष्ठ 53